للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتأويله بالاستخدام (١)، قلت: ويأباه ما عند البخاري -وإلا قوم عليه، فاستسعى به غير مشقوق عليه- فإن الاستخدام لا يحتاج إلى القويم أصلًا، وما يحتاج إليه هو الاستسعاء المعروف، وهذا الكلام مع الإمام الشافعي، أما الكلام مع صاحبيه فلا ريب أنهما أخذا بمنطوق الحديث، وعملا بكل ما ورد في الباب، ولا ريبة أن الظاهر يشهد لهما، إلا أن التفقه للإمام أيضًا قوي، فإن التضمين في صورة يسار الشريك منصوص، والإعتاق غير ممنوع بحال، والاستسعاء من لوازم الشرع، فإذا جاز له التضمين، فالاستسعاء بالأولى، فإنه دونه، وما يثبت من اللوازم الشرعية لا يقال له: إنه بالرأي، واستدل له الطحاوي بما أخرجه عن عمر بإسناد قوي عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كان لنا غلام قد شهد القادسية، فأبلى فيها "أوسمين كار نمايان كئي" وكان بيني وبين أمي، وبين أخي الأسود، فأرادوا عتقه يعني "اس كار نمايان كي صله مين" فقال -أي عمر-: أعتقوا أنتم، فإذا بلغ عبد الرحمن. فإن رغب فيما رغبتم أعتق، وإلا ضمنكم، اهـ. قال الطحاوي: فأبو حنيفة قال، فلما كان له أن يعتق بلا بدل، كان له أن يأخذ العبد بأداء قيمة ما بقي له فيه، حتى يعتق بأداء ذلك إليه، الخ؛ ثم إن الطحاوي اختار مذهب الصاحبين، ورآه أسعد بالحديث، والعجب من النووي حيث قال: إن الإمام الشافعي أقرب إلى الحديث، قلت: كيف! وأنه لم يعمل بحديث الاستسعاء، وانظر إلى إنصاف الطحاوي أنه اختار مذهب الصاحبين، نعم، وهو المرجو منه، فإن الإمام أبا جعفر الطحاوي إمام، وأول من أسس هذا الطريق، أي إخراج سبيل الأحاديث المتعارضة، حتى عده ابن الأثير في مقدمة -جامع الأصول- من المجددين، وأما كتاب النووي، فقد سبقه الناس بمثله، والفصل عندي أن مذهب الصاحبين أقرب باعتبار النطق، ومذهب الإمام أقرب بحسب التفقه، وأما مذهب الشافعي، فبعيد عن النطق، وبعيد عن التفقه، ولذا لم يختره البخاري، ووافق الإمام الأعظم.

٢٥٢١ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُعْتَقُ». أطرافه ٢٤٩١، ٢٥٠٣، ٢٥٢٢، ٢٥٢٣، ٢٥٢٤، ٢٥٢٥ - تحفة ٦٧٨٨

٢٥٢٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِى عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِلَاّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». أطرافه ٢٤٩١، ٢٥٠٣، ٢٥٢١، ٢٥٢٣، ٢٥٢٤، ٢٥٢٥ - تحفة ٨٣٢٨

٢٥٢٣ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِى مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ


(١) قال المارديني: إن قوله عليه السلام: "استسعى العبد في ثمن رقبته" يمنع هذا التأويل، وفي شرح مسلم - للمأزري وقع في بعض الروايات الاستسعاء بالقيمة، وهذه الرواية تمنع هذا التأويل: ص ٢٥٩، وص ٢٦٠ - ج ٢ ملخصًا من "الجوهر النقي".

<<  <  ج: ص:  >  >>