للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٥٣ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنَ الْعَبْدِ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ، يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَأُعْتِقَ مِنْ مَالِهِ، وَإِلَاّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ». تحفة ٧٦١٠

٢٥٥٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». أطرافه ٨٩٣، ٢٤٠٩، ٢٥٥٨، ٢٧٥١، ٥١٨٨، ٥٢٠٠، ٧١٣٨ - تحفة ٨١٦٧ - ١٩٧/ ٣

قوله: ({وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}) [النور: ٣٢] .. الخ.

واعلم أن الحديثَ ينهي أن يقول أَحَدُكم: عبدي، وأمتي، وسيدي، وسيدتي؛ والقرآن يُطْلِقُه، حيث قال: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} فكيف التوفيق؟ قلت: وقد مرَّ أنه من باب تهذيب الآداب والألفاظِ، كالنَّهي أن يقول: {رَاعِنَا} [البقرة: ١٠٤] وفي مثله تراعى الأحوالُ، فإِذا أوهم خلافَ المراد حُجرِ عنه، وإلا لا.

ثم أقول (١): إنَّ مثار النَّهي في إطلاق لفظٌ «عبدي، وأمتي» أمران: كونُ هذه الألفاظِ مما يُشْعِر بتكبُّر المتكلِّم في نفسه؛ الثاني: انتقالُ الذِّهن إلى الله تعالى، فإِذا كان إطلاقُه من ثالثٍ انتفى الأمران، ويجوز إطلاقُه، كما يقال: عَبْد زيدٍ، وعَبْدُ عَمْرو؛ فإِنَّ التكبُّرِ في إضافة المتكلِّم إلى نَفْسه، بأَن يقول: عبدي؛ أما إذا قاله ثالثٌ، فلا شائبةَ فيه للتكبر، وكذا لا ينتقل فيه الذِّهنُ إلى الله تعالى؛ وحينئذٍ لا إشكال في قوله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} فإِنَّه إطلاقٌ مِن الله سبحانه، وكذا في قوله: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: ٢٥].

وأما قوله تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: ٤٢] فهو إطلاق، وإضافة إلى المالك الغائب عن المجلس، أو مماشاة مع عامة الناس في محاوراتهم، وإنما يُوهِمُ التْكبُّر إذا كان


(١) قال في "المعتصر": في وجه الجمع بين حديث النَّهي، وبين قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢] ... الخ إن المَنْهيَّ إنما هو إضافةُ ملاكهم إلى أَنْفِسهم، بأنهم عبيدُهم، لأن فيه استكبارَهم عليه، وما في القرآن فإِنَّما هو بإضافة غيرهم إليهم. وروى أبو هريرة -أراه مرفوعًا-: لا يقولَنَّ أحدُكم:"ربي، لمالكه، وليقل: سيدي"، لا يخالف هذا قوله تعالى: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} [يوسف: ٤١] يعني مَليكَه الذي هو رئيسٌ عليه، لأن يوسُف عليه الصلاة والسلام إنما خاطبه على ما عند المخاطب، لأن كان يُسميِّه ربًّا، لا أنه عند يوسف عليه الصلاة والسلام كذلك، مثل قول موسى عليه السلام للسَّامري: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} [طه: ٩٧] فخاطبه على ما كان عنده لا على ما هو عند موسى. وليس للمملوك أن يَجْعل مالِكَه ربًّا؛ وجاز ذلك في البهائم، والأمتعة، كما ورد في حديث "ضالة الإِبل": "دعها حتى يَلْقاها رَبُّها"، وقيل: إنما نَهى المملوكَ من بني آدم عن هذا القول، لأنهم دخلوا في عموم: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} إلى قوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] فكان المملوكُ ممَّن أُخِذ عليه الميثاقُ في ذلك، بخلاف البهائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>