للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. قَالَ «فَهَلَاّ جَلَسَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلَاّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ - ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ، حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ - اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثًا». أطرافه ٩٢٥، ١٥٠٠، ٦٦٣٦، ٦٩٧٩، ٧١٧٤، ٧١٩٧ - تحفة ١١٨٩٥

أي هل يجوزُ رَدُّها، مع أن الشَّرْع رَغَّب في قَبول الهدايا، فإِنَّها أَنْفَسُ مالٍ لرجل مُسْلم يُعْطي حَلالا مِن غير مشقَّة؟ فأجازه، وقسم على الحالات.

بقي البحث في أنه هل يجب عليه أن يفتش في أنها كيف بَلَغت إلى المُهْدِي، أَمِن سبيل الحلال، أم مِن الحرام؟ فسمعت عن بعض مشايخي أنه لا يجب عليه؛ تَمسُّكًا بقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤].

٢٥٩٧ - قوله: (فَهَلا جَلَس في بيتِ أُمِّه) فيه دليلٌ على أنَّ الهدِيةِ مِن جهةِ الحُكومة (١) والمَنْصب، كلها مِن باب الرّشوة.

قوله: (إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته) وكنت مترددًا في أن الحمل على الرقبة جزاء

لغلوله، أو لعدم أداء الزكاة، وظاهر هذا السياق هو الأول.

قوله: (اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغُتُ) ... الخ، إشهادٌ على تَبْلِيغُ وَظِيفَته.

١٨ - باب إِذَا وَهَبَ هِبَةً أَوْ وَعَدَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ

وَقَالَ عَبِيدَةُ: إِنْ مَاتَ وَكَانَتْ فُصِلَتِ الْهَدِيَّةُ وَالْمُهْدَى لَهُ حَىٌّ فَهْىَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فُصِلَتْ فَهْىَ لِوَرَثَةِ الَّذِى أَهْدَى. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَهْىَ لِوَرَثَةِ الْمُهْدَى لَهُ، إِذَا قَبَضَهَا الرَّسُولُ.

٢٥٩٨ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا ثَلَاثًا». فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِّىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَدَنِى. فَحَثَى لِى ثَلَاثًا. أطرافه ٢٢٩٦، ٢٦٨٣، ٣١٣٧، ٣١٦٤، ٤٣٨٣ - تحفة ٣٠٣٣

وحاصِلُه أن المَداَر على الفَصْل. وقلنا: إن المدارَ على القَبْض، دون التقسيم، وقال الحسنُ: أيهما مات قبل، قهي لورثةِ المُهْدَى له إذا قبضها الرسولُ: وحاصل مذهبِه أنه جعلها للمُهْدَى له مطلقًا، واعتبر بالوَعْد، ولكنه اعتبر القبض أيضًا، فصار مذهبُهُ أقرب إلى الحنفيةِ.


(١) نقل العيني عن عمر بن عبد العزيز فى قصة شراء التفاح، أنه لم يقبله، فقيل له: ألم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر، وعمر رضي الله عنهما يقبلون الهدية؟ قال: إنها لأولئك هدية، وهي للعمال بعدهم رشوة، اهـ: ص ٢٨٣ - ج ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>