للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦١٨ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ». فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً - أَوْ قَالَ - أَمْ هِبَةً». قَالَ لَا، بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ وَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ مَا فِى الثَّلَاثِينَ وَالْمِائَةِ إِلَاّ قَدْ حَزَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ، وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ الْقَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْبَعِيرِ. أَوْ كَمَا قَالَ. طرفاه ٢٢١٦، ٥٣٨٢ - تحفة ٩٦٨٩

٢٦١٧ - قوله: (لَهِواتِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلّم) ... الخ. وهو من باب قوله:

*وكنت أرى زيدًا - كما قال سيدًا ... إذا أنه عبد القفا واللهازم

وقد ذكر الشاه عبد القادر في سرِّ الشهادتين أنَّ الشهادةُ (١) الظاهرة لما لمُ تَقدَّر له، المصالحَ يعَلَمُها الله، قُدِّرت له الشهادةُ المعنويةُ.

٢٩ - باب الْهَدِيَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ


(١) يقول العبد الضعيف: ولعل ذلك لأن القتل لا يليق بالخاتم، وكان عيسى عليه الصلاة والسلام خاتم أنبياء بني إسرائيل، فلم يقتل، وسيموت حتف أنفه بعد ما ينزل إلى الأرض، ويدفن، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا على الإِطلاق، فلم تناسب به الشهادة الظاهرية، لأن الخاتمية تقتضي التمامية، والكمال، كما أوضحه بتشبيه اللبنة، والقتل يؤذن بنوع من البتر، والنقصان، فيتناقضان، ولذا قال تعالى: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} حين أرادوا أن يقتلوه، أو يصلبوه، فمكروا به، وأرادوا بتر سلسلة بني إسرائيل، ومكر الله، وأراد أن يوفيها، كأني أريد أنه استعمل لفظ التوفي، إيذانًا، بأنه سيستوفي عمره، ويتوفى بأجله، ولا يقتل بأيديهم، وهو الذي يليق إيذانه عند مكر اليهود، فلم يقدروا، وأخذلهم، إلا على قول القتل، وخابوا وخسروا، قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} أي لم يوجد منهم غير قول القتل، واستحقوا على ذلك اللعن، إما القتل، أو شيء من مبادئه ما يكون من جنس الأفعال، فلم يوجد منه شيء، كيف! ولو تحقق لكان أولى بالذكر، عند سرد موجبات اللعن، ألا ترى أن الله تعالى لما أراد ذكر شناعتهم، عدد جملة ما صدر عنهم من موجبات اللعن، فكيف يمكن أن يذكر الأخف، ويسكت عن الأشد لو صدر منهم. ثم إن قوله تعالى: {وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} يدل على أن تلك السنة، وإن جرت على من قبله من الرسل، إلا أنه لا يليق بالخاتم، خاتم بني إسرائيل، ولذا اشتد عليهم غضب الله، وقام في نحورهم مكر الله، فرفعه إلى السماء، كما قال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} وتواترت به الأحاديث تواترًا يفوق على عدد سائر التواتر، والأحاديث فيه تزيد على السبعين، جمعها الشيخ في صورة رسالة إرغامًا للطائفة الملعونة القاديانية، ومن ههنا تبين السر في نزوله بخصوصه، دون سائر الرسل، وهو أنه خاتم، فناسب نزوله تحت خاتم على الإِطلاق، وسنوضحه إن شاء الله تعالى، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>