للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبّرهُ بقول النبي صلى الله عليه وسلّم إشارة إلى قوته، وإنما أراد به التنبيه على أن الحديث لا يختص بالحلال والحرام بل هو عام لكل ما سُمِع، وفيه أنه يمكن أن يكون في الأمة من يفضل الصحابة في الوعي والحفظ فهذا فضل جزيءّ. وأما الفضل الكليّ فلهم خاصة لما ثبت. سبقهم بالإسلام والنصر.

١١ - باب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ

لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ) فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ - وَرَّثُوا الْعِلْمَ - مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ.

وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] وَقَالَ {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٣] {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠)} [الملك: ١٠]. وَقَالَ {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ».

وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ - ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّى أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَىَّ لأَنْفَذْتُهَا.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: ٧٩] حُكَمَاءَ فُقَهَاءَ. وَيُقَالُ الرَّبَّانِىُّ الَّذِى يُرَبِّى النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ. ٢٧/ ١

هذه مقدمة عقلية، واستشهد لها بقوله: ({فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}) فذكر أولًا العلم ثم أردفه بالعمل وقال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} ... إلخ.

١٢ - باب مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ كَىْ لَا يَنْفِرُوا

٦٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِى الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. طرفاه ٧٠، ٦٤١١ - تحفة ٩٢٥٤

٦٨ - (يتخولنا) أي يتعهدنا وقتًا فوقتا لئلا يفضي إلى السآمة "نكراني كرتى تهى" قوله: ({هل يستوي الذي يعلمون ... إلخ})، نزّل فيه الفعل المتعدي منزلة اللازم. وذكر الأُشْمُوني: أن اللازم يُجعل بالتضمين متعديًا وكذا العكس، وليس بينهما تباين كما فهم. وتلك المسألة وإن كانت من المعاني - وأهل اللغة لا يعتبرون باعتبارات علماء المعاني - إلا أن تلك المسألة أتى بها الزَّمْخَشَري في «المفصَّل»، وهو كتاب في النحو، فاعتبروا بها؛ لأنهم يعتبرون بالنحو.

<<  <  ج: ص:  >  >>