للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل يكفيه لَفْظٌ يؤدي مُؤاده من أَيِّ لغةٍ كان، كما في «الدر المختار» - في باب الأذان فاعلمه، فإِنَّ المسألة إذا كانت في غير بابها أعوزت على الناس، فأحفظها.

قوله: (وَكَيْفَ تُعْرَفُ توبتُه؟) قلت: تُعرف بالنَّطر إلى حالاته، ولعلَّه إشارةٌ إلى ماذكرنا أنها لا تحصُل إلا بتكذيب نفسه، فكيف تُعْرف، فإِنَّ التكذيب لا يتحملُّه عامي، فكيف برج صادق!

قوله: (وقد نَفَى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم الزاني سنةً)، فله الرجوعُ بعدها.

قوله: (ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عن كلام كَعْب) ... الخ، ثم قَبِل توبتَه بعد خمسين يومًا، فدلَّت تلك الآيةُ، والتي قبلها على قبول التوبة؛ واعلم أن التغريبَ بعامٍ ليس من أجزاءِ الحدِّ عندنا، وراجع له «فتح القدير» فإِنّه قرر مؤثرًا (١).

٩ - باب لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ جَوْرٍ إِذَا أُشْهِدَ

٢٦٥٠ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِىُّ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - قَالَ سَأَلَتْ أُمِّى أَبِى بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِى مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِى فَقَالَتْ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَخَذَ بِيَدِى وَأَنَا غُلَامٌ، فَأَتَى بِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِى بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِهَذَا، قَالَ «أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَأُرَاهُ قَالَ «لَا تُشْهِدْنِى عَلَى جَوْرٍ». وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ «لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ». طرفاه ٢٥٨٦، ٢٥٨٧ - تحفة ١١٦٢٥

٢٦٥١ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عِمْرَانُ لَا أَدْرِى أَذَكَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ، وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ». أطرافه ٣٦٥٠، ٦٤٢٨، ٦٦٩٥ - تحفة ١٠٨٢٧

والجَوْر في لغةِ العَرب الانحراف عن الحقِّ، واستعملوه في الفارسية بمعنى الظُّلم، كالجَفَاء معناه البداوةُ كنوارين؛ ثُم استعملوه في معنى الظُّلْم.

٢٦٥١ - قوله: (خَيْرُكم قَرْني) .. الخ هل المرادُ منه الخَيْريةُ في القرونِ الثلاثةِ فقط، أو خَيْرية الأُولى، فالأخرى كذلك إلى الأبد فليُنْظر فيه.

٢٦٥١ - قوله: (يَشْهدُون ولا يُسْتَشْهدُون) يعني بي قابو، وهذا اللفظُ ورد ههنا في مَعْرِض الذَّمِّ، وقد ورد في موضع المَدْح أيضًا، والوَجْه أن الشهادةَ بدون الاستشهاد، إذا كانت لإِحياِ حقِّ المسلم، فهي خيرُ لا محالة، وإن كانت المبالاة بها، فهي من أَمارات الساعة.


(١) قلت: ونأتيك بعبارتِه في "الحدود" إنْ شاء اللهُ تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>