للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الغيث "فريادرس"، ويقال للماء الذي تَخْضَرّ به الأرض وينبت به الكلأ والعشب.

والعشب عام للرَّطْبِ والكلأ، ثم إن كتابة الهمزة بعد الألف غلط بل ينبغي أن تكتب فوق الألف هكذا «الكلأ» ولم تكن الهمزة في لغة العرب حتى أحدثها الخليل.

(«أمسكت الماء ... إلخ») يعني فيها قابلية الإمساك دون الإنبات، وأَمْرُ التَّطبيق بين المُشَبَّه والمُشَبَّه به سهلٌ، فليراجعه من الشروح والحواشي.

٢٢ - باب رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ

وَقَالَ رَبِيعَةُ لَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ عِنْدَهُ شَىْءٌ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ.

٨٠ - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا». أطرافه ٨١، ٥٢٣١، ٥٥٧٧، ٦٨٠٨ - تحفة ١٦٩٦

ربيعة وهو ربيعة الرائي شيخ مالك رحمه الله تعالى، وأكثر فقه مالك رحمه الله تعالى منه. وحُكِي أن ربيعة تعلّم الفقه على أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

والرأي عند السلف بمعنى الفقه، وشاع في المتأخرِّين بمعنى القياس حتى أن بعض الشافعية يُلَقِّبون الحنفية بأهل الرأي هجوًا لهم ولا يدرون أنه في الحقيقة مدحٌ لهم؛ لأن محمد بن الحسن هو أول من فَصَلَ الفقه من الحديث ودونه ولذا نسب إلينا الفِقْه ولُقِّبْنَا بأهلِ الفِقْه وأهل الرأي. فأهل الرأي بمعنى مؤسس الفقه ومدونه لا بمعنى القائِس والقائِفِ ليكون هجوًا كما راموه ثم إن كلًا منهم أفرزوا فِقْهَهُمْ من الحديث ودَوَّنوه على حِدَة، إلا أنه بقي العارُ علينا كقولهم: البادي أظلم، وإلا فمن في المذاهب من ليس فقهه مفرزًا من الحديث؟ فأي اعتراض علينا؟ ثم في الكُتُب أن مُدَوِّن علمِ أصولِ الفقه هو الشافعيّ رحمه الله تعالى.

قلت: وعندي ثبت من التاريخ أنه أبو يُوسُف رحمه الله تعالى، وكان يُنَبِّه المحدثين في إملائه على بعض قواعد أصول الفقه. وفي «الجامع الكبير» أيضًا حِصَّةٌ منه: إلا أن رسالة الإمام الشافعيّ رحمه الله تعالى، لما كانت مُدَوَّنَةً مطبوعةً وأذاعها الشافعية، اشتُهِرَ أنّه مُدَوِّنُ أصولِ الفقه. والحنفية لما لم يرفعوا إليه رأسهم خَمَلَ ذكرُ أبي يُوسُف رحمه الله تعالى في هذا الباب.

ثم عند البخاري أن رفع العلم إنما يكون برفع العلماء ولا يُنْتَزَعُ انتِزَاعًا، وعند ابن مَاجَه (١) بإسناد صحيح عن زياد بن حبيب «أنه يُنْزَعُ من الصُّدُور في ليلة» والتوفيق بينهما أن أوّل أمرِ الرَّفْعِ يكونُ كما في البخاري وهو برفعِ العلماءِ، ثم إبَّان الساعةِ يكونُ كما عند ابن ماجه أي يُنْتَزَع عن الصدور نزعًا، فلا تعارض لاختلاف الزمانين.


(١) قلت: وحديث "لا حرج"، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا وفتواه موافق لمذهب الحنفية كما عند الطحاوي، فدل على أن نفي الحرج معناه نفي الإثم لا نفي الجزاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>