للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٥٤ - قوله: (فقال: إني كُنْت أَمَرْتُكُم أن تحرِّقُوا فُلانًا، وفُلانًا بالنَّار، وأنَّ النَّارَ لا يُعذِّبُ بها إلا اللهُ، فإِنَّ أَخَذْتُموهُما فاقتلُوهُما) وحملة الفقهاء على التغيير في اجتهادِه صلى الله عليه وسلّم فرأى أولا أن يحرِّقهم، ثم استقر اجتهادُه على أن لا يفعله، وعندي ليس هذا برجوعٍ، بل هو عدولٌ عن حَقِّه الثابت إلى الأَخَفِّ منه (١).

١٠٨ - باب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلإِمَامِ

٢٩٥٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ». طرفه ٧١٤٤ - تحفة ٨١٥٠، ٧٧٩٨

الشيءُ إذا لم يخالف الشَّرْع، وكانت فيه مصلحةٌ للعامة، هل يَجِبُ بأمر الأمير، وهل يلزم فيه طاعتُه، أَم لا؛ فالرأي فيه مُخْتلف؛ وحَرَّر الحَموي في «حاشية الاشباه» أَنه إنْ ظهر وباءُ الاستسقاء. فأمر الإِمام بالصِّيام، لأنه يَنْفَع الاستسقاء، وجب عليهم أن يصوموا. قلت: إذا وجب الصيامُ في داء الاستسقاء بأمره. فما بالُ صلاةِ الاستقساء، لا تجب بأَمْره، قل أَمَرَ لوجبت عندنا أيضًا، وكذلك في أمثالها.

١٠٩ - باب يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الإِمَامِ وَيُتَّقَى بِهِ

٢٩٥٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». أطرافه ٢٣٨، ٨٧٦، ٨٩٦، ٣٤٨٦، ٦٦٢٤، ٦٨٨٧، ٧٠٣٦، ٧٤٩٥ - تحفة ١٣٧٤٤


(١) يقول العبد الضعيف: ونظيره عندي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد مرة أن يربط شيطانًا تفلت عليه، ثم تذكر دعوة أخيه سليمان عليه الصلاة والسلام، فلم يفعل، فإنه ليس رجوعًا أصلًا، فإنه لو فعل لم يخالف دعاءه أيضًا، إلا أنه احترز عن صورة المخالفة أيضًا، فكذلك لو أمر بتحريقهما لم يخالف قوله: إن النار لا يعذب، الخ؛ ولكنه عدل عنه، ليبقى الحديث على عمومه بدون استثناء، ولا تخصيص، وهو صنيعه في قصة الأنصاري مع الزبير في قصة شراج الحرة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أولًا بأمر كان فيه خير لهما، ولما أحفظه الأنصاري أمر الزبير أن يستوفي حقه تمامًا، وقد ظهر هناك أنه لم يكن رجوعًا، ويؤيده ما أخرجه الحافظ عن سعيد بن منصور عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح، أن هبار بن الأسود أصاب زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء، وهي في خدرها، فأسقطت، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية، فقال: إن وجدتموه فاجعلوه بين حزمتي حطب، ثم أشعلوا النار، ثم قال: إني لأستحي من الله، لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله، اهـ: ص ٩١ - ج ٦، فدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رجوعه استحياء من الله عز وجل، لا تغيير في اجتهاده، أو غير ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب؛ ثم رأيت في "عمدة القاري" عن الملهب، قال: ليس نهيه عن التحريق على التحريم، وإنما هو على سبيل التواضع لله، اهـ: ص ٥٥ - ج ٧، ثم ذكر أشياء مفيدة، فليراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>