للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ، وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ». أطرافه ٣١٢٠، ٣٦١٨، ٦٦٣٠ - تحفة ١٤٧٠١

٣٠٢٨ - وَسَمَّى الْحَرْبَ خُدْعَةً. طرفه ٣٠٢٩ - تحفة ١٤٧٢٧

٣٠٢٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَصْرَمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْحَرْبَ خُدْعَةً. طرفه ٣٠٢٨ - تحفة ١٤٦٧٦

٣٠٣٠ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ». تحفة ٢٥٢٣ - ٧٨/ ٤

والأبلغ فيه أن يكونَ صيغةَ مبالغة من اسم الفاعل. والمرادُ أَنَّ الحربَ لا تُدْرى عاقِبتُها، ولا يَتأَتَّى فيها الاعتمادُ على الأسباب، فإِنَّه قد تبدو النُّصرةُ في أَوَّل الأَمْر، ثُم تنقلِبُ هزيمةً، وقد تنعكس. وقيل: معناه جوازُ الخِداع، أي التدبير الخفي، والخداع عملا، فإِنَّه يجوزُ في الحرب. أما الخِداعُ اللساني، والكذب، والغدر، فلا يجوزُ بحالٍ (١) لا في أوان الحرب ولا في غيرها.

٣٠٢٧ - قوله: (هَلَك كِسْرى، ثُم لا يكونُ كِسْرى بَعْدَه) (٢) وقد مَرَّ أنه لَقَبُ ملك فارس،


= اتفقوا على أن الأولى أفصح، حتى قال ثَعلب: بلغنا أنه لغةُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبذلك جزم أبو ذر الهروي، والقزاز، وذكر الواقدي أن أول ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحَربُ خُدْعة" في غزوة الخندق. اهـ: مختصرًا، ونحوه في العيني.
(١) قال ابنُ بَطال: سألت بعضَ شيوخي عن معنى هذا الحديث، فقال: الكذبُ المباحُ في الحرب ما يكون من المعاريض، لا التصريح بالتأمين مثلًا. اهـ: "فتح". وقال النووي: الظاهرُ إباحةُ الكَذبِ في الأمور الثلاثة: منها الكَذِبُ في الحرب، لكن التعريض أوْلى "عمدة القاري". وحَمَله في "المعتصر" على المعاريض.
(٢) قال الطحاوي في "مُشْكِله": فتأملنا هذا الحديثَ لنقف على المعنى المراد به ما هو، فوجدنا المُزَني قد حكى لنا عن الشافعيِّ في تأويله، قال: كانت قريشٌ تنتاب الشامَ انتيابًا كثيرًا، وكان أكثرُ معاشهم منه، وتأتي العراقَ؛ فلما دخلت في الإِسلام، ذكرت ذلك له عليه الصلاة والسلام خوفًا من انقطاع معاشِها بالتجارة من الشام والعراق، وفارقت الكفرة، ودخلت في الإسلام، مع خلاف مَلِك الشام، والعراق، لأهل الإِسلام، فقال: "إذا هَلَك كِسْرى؛ فلا كسرى بعده، فلم يكن بأرضِ العراق كسرى يَثْبت له أمرٌ بعده، وقال: إذا هلك قَيْصر، فلا قيصرَ بعده، فلم يكن بأرضِ الشامِ قيصر بعده". فأجابهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ما قالوا، وكان ما قال إلى اليوم، وقطع الله الأكاسرة عن العراق، وفارس، وقيصر، ومَنْ أقام بعده بالشام. وقال في قيصر: يثبت في ملكه ببلاد الروم، وينحى ملْكُه عن الشام، وكل هذا متفق. يصدق بعضُه بعضًا.
قال أبو جعفر: وسألت أحمدَ بنَ أبي عِمران عن تأويل هذا الحديثِ، فأجابني بخلاف هذا القول؛ وذكر أن معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا هلك كسرى، فلا كسرى بعده، إلى يوم القيامة، وكان معنى قوله: إذا هلك قيصر بعده"، إعلامًا منه إياهم أنه سَيَهْلك، ولم يهلك إلى الآن، ولكنه هالِكٌ قبل يوم القيامة، وخولف بينه وبينه في تعجيل هلاك كِسْرى، وتأخير هلاك قيصر، لاختلاف ما كان منهما عند وُرُود كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كلِّ واحد منهما. ثُم أخرج الطحاوي عن ابن عباس ما يدل على أن قَيْصر، وَقَّر كِتابه - صلى الله عليه وسلم -، وعَظَّمه، وبَجَّله. أما كسرى فَمزَّقه، فدعا عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُمزق كل مُمزَّق. ورجح الطحاوي هذا التأويل، لأن في التأويل =

<<  <  ج: ص:  >  >>