للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (صَرَّ البَابُ)، أي تصوَّت.

قوله: (أَنْ لَا تَسْجُدَ: أن تَسْجُدَ) يريد أن «لا» زائدة. قلتُ: وترجمته: "تجهى كس نى منع كياهى كه سجدة هنين كرتا"، وعلى هذا لا حاجةَ إلى القول بزيادتها، فهي إذن للبيان بعد الإِبهام في قوله: {مَا مَنَعَكَ} [الأعراف: ١٢] على حدِّ قوله: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: ٧٨]، وليست مفعولًا لقوله: {مَنَعَكَ}، وكذلك لا أقول بزيادة «لا» في قوله: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١)} [البلد: ١] فإنها لنفي ما قبلها، وأمَّا القَسَمُ، فعلى ما بعدها.

قوله: ({أَسْفَلَ سَافِلِينَ})، ومِصْدَاقُه الأَوَّليُّ ما ذَكَرَه علماء الشريعة، ومِصْدَاقُه الثانويُّ ما ذكره الشيخ الأكبر: أنه حيِّزٌ لجهنم التي نحن الآن فيه.

قوله: (سوءتهما) ولم يكن يريا فرجهما قبله، فإذا نزع اللباس عنهما، علما الآن أن لهما شيئًا يجب ستره، ويقبح كشفه، فساءهما انكشافه.

٣٣٢٦ - قوله: (فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ) ... إلخ، وأنكره ابن خَلْدُون، وقال: لم يَثْبُتْ عندنا من حال عماراتهم أنه كان طولهم ستون ذِرَاعًا في زمنٍ، بل بيوتُهم في الارتفاع فيما مضى كما هي اليوم.

قلتُ: سبحان الله، ما حمله على إنكار حديثٍ صحيحٍ (١) عند القوم، مع أنه قد دَلَّ تاريخُ عَادٍ على طول قامتهم. وشاهدنا الآن أيضًا الفرق بين المولَّدين في عهد الإِنكليز، وقبله، وبين الحَضَرِيِّ والبدويِّ. فإن البدويَّ أبسطُ جسمًا، وأطولُ قامةً، وأعرضُ صَدْرًا، وأوسعُ هِمَمًا بالنسبة إلى الحضريِّ، وكذلك من وُلِدُوا قبل عهد الإِنكليز، كانوا أشدَ قوةً، وأكثرَ طولًا. ونحوه قد شاهدنا في الحيوانات أيضًا. والذي ينبغي أن يُنْقَدَ في مثل هذا بالحديث الصحيح، لا أن يُحَرَّفَ الحديث، أو يؤوَّل بغير تأويله، ثم هذا فريد وجدي صاحب «دائرة المعارف» محرومٌ عن الإِيمان والخير كلِّه، فَيَنْقُلُ الأحاديثَ، ثم يَسْخَرُ منها، سَخِرَ الله منه.

٣٣٢٧ - قوله: (سُتُّونَ ذِرَاعًا في السَّمَاءِ)، أي في الطول، ويُحْتَمَلُ أن يكونَ مرادُ


(١) قلتُ: وقد منَّ اللهُ تعالى على قومٍ بقوله: {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} [الأعراف: ٦٩]. وأخرج الشيخ الأَلُوسي تحته آثارًا تُؤَيِّدُ هذا المعنى، فنقل عن الكَلْبيِّ، قال: كانت قامةُ الطويل منهم مائة ذراعٍ، وقامةُ القصير منهم ستين ذراعًا. وأخرج ابن عساكر، عن ابن وَهْبٍ أنه قال: كانت هامةُ الرجل منهم مثل القبَّة العظيمة، وعينه يفرِّخ فيها السباع. وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة أنه قال: ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعًا. وعن الباقر: كانوا كأنَّهم النخل الطوال، وغير ذلك من الآثار التي ذكرها. فَدَلَّ القدرُ المشتركُ منها على طول قاماتهم جدًا. وأي حاجةٍ لنا إلى تلك الآثار بعد ما قد مَنَّ الله عليهم بذلك. فلو كانوا أمثالَنا في القامة والجنَّة، فبأي أمرٍ امْتَنَّ به عليهم.
فإذا صرَّح به القرآن، وصَحَّ فيه الحديث، فبأي حديثٍ بعده يُؤْمِنُونَ. ومَنْ لم يَجْعَلِ اللهُ له نورًا فما له من نورٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>