للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١ - باب نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهما السلام

٣٤٤٨ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩)} [النساء: ١٥٩]. أطرافه ٢٢٢٢، ٢٤٧٦، ٣٤٤٩ - تحفة ١٣١٧٨ - ٢٠٥/ ٤

٣٤٤٩ - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ». تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالأَوْزَاعِىُّ. أطرافه ٢٢٢٢، ٢٤٧٦، ٣٤٤٨ - تحفة ١٤٦٣٦

٣٤٤٨ - قوله: (حَكَمًا) نعم يَصْلُحُ للحكومة مَنْ كان مسلمًا للفريقين، وعيسى عليه الصلاة والسَّلام كذلك، فإنه نبيٌّ من بني إسرائل، وقد آمنا به أيضًا.

قوله: (فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ)، ولمَّا كان الصليبُ جَرَى باسمه، فهو الأحقُّ بنقضه.

قوله: (ويَقْتُلَ الخِنْزِيرَ) لأن أمَّتَهُ اختارت حِلَّتَهُ، خلاف الواقع.

قوله: (ويَضَعَ الحرب)، هذه نسخةٌ مرجوحةٌ، والراجحةُ ما في الهامش، «ويَضَعَ الجِزْيَةَ». وقد عَمِلَ ببعضه نبينا صلى الله عليه وسلّم في زمنه أيضًا، وهو قولُه عند وفاته: «أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب». فلم يَقْبَلْ منهم الجِزْيَةَ في العرب، وإذا نَزَلَ عيسى عليه السَّلام لا يَقْبَلُهَا (١) منهم أينما كانوا.

قوله: ({وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} وفي قراءة شاذَّةٍ قبل موتهم) وفي قراءة شاذَّةٍ قبل موتهم. واعْلَمْ أن القراءةَ الشاذَّةَ يكفي لها الصدقُ فقط. وإنما تُطْلَبُ النكات في القراءة المتواترة، لأن الفرقَ بين المتواترة والشاذَّة إنما يكون في الأمور اليسيرة، نحو:


(١) يقولُ العبدُ الضعيفُ: وهذا خَطَرَ ببالي الآن: أن عيسى عليه الصلاة والسلام في أهل الكتاب كنبينا صلَّى الله عليه وسلَّم في العرب. فلمَّا لم يَقْبَل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الجِزْيَةَ عن العرب لمكانه فيهم، كذلك لا يَقْبَلُها عيسى عليه الصلاة والسلام أيضًا ممَّن يكون فيهم مكان النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من العرب. أعني: أن الكُفْرَ يَعْظُمُ عند الله من قومٍ يَنْزِلُ فيهم نبيُّ الله، ولذا لم يَكُنْ في العرب إلَّا الإِسلام، أو السيف، حتى أنَّهم لا يسترقُّون أيضًا. فهذا هو حالُ المسيح عليه الصلاة والسلام في أهل الكتاب، فإنه إذا كان نَزَلَ فيهم، فلم يَقبَلُوه، وكَفَرُوا به، لا يَقْبَلُ منهم الجِزْيَةَ بعد نزوله، ولا يَبْقَى فيهم إلَّا الإِسلام، أو السيف. والله تعالى أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>