للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَلَا يُعْجِبُكَ أَبُو فُلَانٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِى يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، يُسْمِعُنِى ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِىَ سُبْحَتِى، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ. طرفه ٣٥٦٧ - تحفة ١٦٦٩٨

٣٥٤٧ - قوله: (فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ)، وإنما لَبِثَ (١) ثلاث عشرة سنة، وإنما عدَّ عشر سنين، لأنه بصدد عدِّ السنين التي نَزَلَ فيها الوحيُ، فلعلَّه عدَّ زمنَ الفترة، ثلاث سنين، وللعلماء في عِدَّتِها أقوالٌ.

٣٥٥٥ - قوله: (إن بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ)، أي أحدهما أبٌ، والآخر ابنٌ. واعلم أنه لا عِبْرَةَ بالقافة عندنا شرعًا، وإنما هي أمرٌ لتطييب الخاطر. ولا حُجَّةَ في الحديث على كونها حُجَّةً.

٣٥٥٨ - قوله: (ثُمَّ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم؟، قال الحافظُ: وذلك بعدما فُتِحَتْ مكة.

فائدة: واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُحِبُّ موافقةَ أهل الكتاب (٢) فيما لو يُؤْمَرْ فيه بشيءٍ. ومن هذا الباب استقبالُه إلى بيت المَقْدس بالمدينة، لا أنه كان لتأليف قلوبهم. بل الوجهُ أنه لمَّا بُلِّغَ في موضع كانت قبلتهم إلى بيت المَقْدِس، اتَّبَعَ قبلتهم، لأن نسخَ قبلة النبيِّ المتقدِّم بلا نزولٍ، شرعٌ جديدٌ يُؤْذِنُ بالخلاف، ويُورِثُ الشقاق. ثم لمَّا وُجِّهَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلى البيت، ترك استقبال قبلتهم لنزول قبلته. وهذا الوجه مماَّ قد تفرَّدت به، وقد قرَّرته سابقًا.

٣٥٥٩ - قوله: (فَاحِش): "بدزبان".

قوله: (مُتَفَحِّش): "بزور بدزبانى كرنى والا".


(١) وقد بَحَثَ فيه الحافظُ في "الفتح" وعليّ القاري، والملا عبد الرؤوف المناوي في شرحيهما على "الشمائل"، فراجعهما. ولم أَبْسُط الكلامَ فيه، لأن المسألةَ مشهورةٌ، والخلافُ معلومٌ.
(٢) وقد ذكر الحافظُ في موافقة أهل الكتاب نكتة أخرى، قال: لأنَّ أهلَ الكتاب في زمانه كانوا متمسِّكين ببقايا من شرائع الرسل، فكانت موافقتهم أحبَّ إليه من موافقة عُبَّاد الأوثان، فلمَّا أَسْلَمَ غالب عُبَّادِ الأوثان، أحبَّ صلى الله عليه وسلم حينئذٍ مخالفةَ أهلِ الكتاب. اهـ. وذكر عليّ القاري في الصيام مجيبًا عن موافقته في صوم عاشوراء، أنه قيل في جوابه: إن المخالفةَ مطلوبةٌ، فيما أخطأوا فيه، كما في يوم السبت، لا في كلِّ أمرٍ. ثم قال: والأظهرُ في الجواب: أنه صلى الله عليه وسلم أول الهجرة لم يَكُنْ مأمورًا بالمخالفة، بل يتألَّفهم في كثيرٍ من الأمور، ومنها أمر القبلة. ثم لما ثَبَتَ عليهم الحُجَّة، ولم ينفعهم الملاءمة، وظَهَرَ منهم الفساد والمكابرة، اختار مخالفتهم، وترك موافقتهم. اهـ.
وأنت قد عَلِمْتَ أن أمرَ القبلة على مختار الشيخ ليس من الموافقة في شيء، بل كان على تقسيم البلاد، وإن حَصَلَتِ الموافقة تبعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>