للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حنيفة» الثنائيات أيضًا. وقد مرَّ أنه تابعيٌ رؤيةً وتبع التابعين رِوَايةً، فإنه ثبتَ رؤيتُهُ أنسًا رضي الله تعالى عنه عند الكل. وادَّعى العيني أنه رأى سبعة من الصحابة. وردها العلامة قاسم بن قُطَلُوبُغَا وقال: إنه لم يثبت له غير رؤية أنس رضي الله عنه. وقال الحافظ رحمه الله تعالى: إن العلامة قاسم مُتقنٌ وهو في اصطلاحهم من لا يغلطُ في إسماء الرواة وألفاظ الحديث. قلت: بل هو حافظ، وإن لم يكن مثل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.

ثم إن «مسند الإمام» إنما جُمِعَ بعده، والمتداول في الأيدي هو «مسند الخوارزمي» وهو المشهور ب «مسند الإمام». وقد كان جَمْعَهَ عشرة من الناس منهم حفاظ، ثم جمعَ الجميعَ الخوارزمي ثم جمع «مسنده» أربعة من الأئمة أيضًا: منهم أبو بكر المقرىء، وأبو نُعيم الأصْبَهاني وهذه المسانيد مفقودة كلها. وأحسن ما يمكن جمع مسنده من أمالي أبي يوسف رحمه الله تعالى، وكان يملي في زمان قضائه. وقد حضرَ في مجلس إملائه أحمد رحمه الله تعالى وابنَ معين أيضًا وعن ابن مَعين عندي أن أبا يوسف رحمه الله تعالى كان يحفظُ في زمن حفظهِ ستين حديثًا في مجلس واحد، وليس في «الجامع الصغير» حصة من الأحاديث. نعم، في «المبسوط» حصة منها، لكن الآفة فيها أن الطابع لم يميز فيما بين كلام محمد وكلام الشارح، وكذا حذف الأسانيد فتعطلت عن الفائدة.

١١٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «تَسَمَّوْا بِاسْمِى وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، وَمَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِى صُورَتِى، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». أطرافه ٣٥٣٩، ٦١٨٨، ٦١٩٧، ٦٩٩٣ - تحفة ١٢٨٥٢

١١٠ - قوله: (تسموا باسمي ... إلخ) كان دأب العرب أنهم إذا دعوا أحد أو أرادوا توقيره، دعوه بكنيته دون اسمه، وعليه ما جاء في الحديث أن رجلًا دعا أحدًا بأبي القاسم، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلّم فقال الرجل: إني لم أردكَ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلّم أن يُكْتَنَى أحد، يكنيته لئلا يحصلَ الالتباس، ولذا قال بعض العلماء: إن النهى مقتصر على زمانه، سواء تَكنَّى منفردًا أو مع اسمه الشريف. وفي المسألة أقوال عديدة ذكرها الشارحون.

قوله: (من رآني في المنام ... إلخ) والمعنى: من تعلقت رؤياه بي فهو تعلق صحيح، أي من تعلقت رؤياه بي في اعتقاده فهي رؤيا صحيحة، كذا قال صاحب «القوت».

واعلم أن اختُلف في رؤيته صلى الله عليه وسلّم ومراد الحديث.

فقال بعضهم: إنه مخصوصٌ بما إذا رآه في حليته المباركة، واعتبر هؤلاء أطوارَ الحلية ولم يجوزوا المخالفة ولو بشعرة، فإن كان رآه في حليةِ صباه ينبغي أن تطابق بما كانت حليته فيه، وكذا في حلية الشباب والشيخوخة. ونقل البخاري عن ابن سِيرين في كتاب الرؤيا أنه كان يسأل الرائي عن حليته التي رآه فيها، فهذا دليلٌ على اعتباره أطوار الحلية، وهذه الجماعة قليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>