للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَعْبُدُ إِلَاّ اللَّهَ. فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِى إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَشْهَدُ أَنِّى عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ. تحفة ٧٠٢٨ - ٥١/ ٥

٣٨٢٨ - وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِى، وَكَانَ يُحْيِى الْمَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لَا تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا. فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لأَبِيهَا إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا. تحفة ١٧٥٢٩

وابنه سعيد من العشرةِ المبشَّرَةِ، كان أبوه زيدُ من موحدي الجاهلية، وهذه واقعةٌ قبل مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلّم.

قوله: (اللَّهُمَّ إنِّي أَشْهَدُ أَنِّي على دِينِ إبْرَاهِيمَ)، ثُمَّ تُوُفِّي على ذلك، وقد سُئِلَ (١) النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عنه، فَأَجَابَ بما يَدُلُّ على كونه مغفورًا له.

٣٨٢٦ - قوله: (فَقُدِّمَتْ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلّم سُفْرَةٌ، فَأَبى أن يَأْكُلَ منها، ثُمَّ قال زَيْدٌ: إني لَسْتُ آكُلُ ممَّا تَذْبَحُونَ على أَنْصَابِكم (٢)).

واعلم (٣) أن ههنا نُسْخَتَيْنِ: الأُولَى: ما عَلِمْتَ: «قُدِّمَتْ» - بضم القاف - مجهولًا. والثانية: ما في رواية الجُرْجَاني: «فقدَّم إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم سُفْرَةً»، وفيها إيهامٌ شديدٌ لخلال المراد، فإنها تَدُلُّ على جواز أكله عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وعدم جوازه، عند زَيْد بن نُفَيْلٍ، ولذا أَبَى أن يَأْكُلَهُ. وتكلَّم عليه القاضي بدر الدين أبو عبد الله الشِّبْلي في «آكام المرجان»،


(١) أَخْرَجَ الحافظُ العيني، من رواية محمد بن سعد، من حديث عامر بن رَبِيعة -حليف بني عَدِيِّ بن كعب- قال: "قال لي ابن عمرو: إني خَالَفْتُ قومي، واتَّبَعْتُ مِلَّةَ إبراهيم، وإسماعيل، وما كانا يَعْبُدَان، وكانا يُصَلِّيَان إلى هذه القِبْلَةِ، وأنا أَنْتَظِرُ نبيًّا من بني إسماعيل يُبْعَثُ، ولا أُرَاني أُدْرِكُهُ، وأنا أُؤْمِنُ به، وأصَدِّقُهُ، وأَشْهَدُ أنه نبيٌّ، وإن طَالَتْ بِكَ حياة، فَأَقْرِئْهُ منِّي السلام. قال عامر: فلما أَسْلَمْتُ أَعْلَمْتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخبره.
قال: فردَّ عليه السلام، وترحَّم له، وقال: لقد رأيته في الجنة يَسْحَبُ ذُيُولًا". وقال البَاغَنْدي: عن أبي سعيد الأَشَجّ، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشةَ، قالت: "قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم: دَخَلْتُ الجنةَ فرأيتُ لزيد بن عمرو بن نُفَيْل دوْحَتَيْنِ"، وقال ابن كثيرِ: وهذا إسنادٌ جيدٌ، وليس في شيءٍ من الكُتُبِ. اهـ مختصرًا "عمدة القاري". وذكر الأوَّلَ في "الفتح" (٩/ ٩٧).
(٢) قال الحافظ بدر الدين: هي أحجار حول الكعبة يذبحون عليها الأصنام، اهـ: "عمدة القاري" (٨/ ٣٦)، وكذا في "الفتح" (٩/ ٩٨)، هكذا فسره الشيخ، فيما مر.
(٣) قال عياض: الصواب الأول، وقال ابن بطال: كانت السفرة لقريش قدموها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأبى أن يأكل منها، فقدمها النبي - صلى الله عليه وسلم - لزيد بن عمرو، فأبى أن يأكل منها، وقال مخاطبًا لقريش الذين قدموها أولًا: إنا لا نأكل ما ذبح على أنصابكم، اهـ. ثم ذكر الحافظ ههنا أشياء لا أحب أن أذكرها، وقد أعرض عنها شيخنا أيضًا، نعم ذكر =

<<  <  ج: ص:  >  >>