للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لنا ببيِّنةٍ، قال: فَيَحْلِفُون لكم؟ قالوا: لا نَرْضَى بأيمان اليهود، فَكَرِهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أن يُبْطِلَ دَمَهُ، فَوَدَاهُ مئةً من إبل الصدقة» اهـ.

ففي تلك الرواية: أن القَسَامَةَ في خَيْبَرَ كانت على الصفة التي اخترناها، وفيها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَهْدِرْ دَمَهُ، وإنما أدَّاها مهن عنده، لِمَا في البخاريِّ: أنه كان يومئذٍ صُلْحٌ من خَيْبَرَ، فإذا أَخْبَرُوا أنهم لم يَقْتُلُوه، لم يُوجِبْ الدِّيَةَ عليهم، لئلَاّ تَثِير الفتنةُ. ولو كانت المسألةُ، كما ذَهَبَ إليه الشافعيةُ، لم يُودِهِ من عنده (١).

٣٨٤٥ - قوله: (أَوَّلَ قَسَامَةٍ كانت في الجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بني هَاشِمٍ) ... إلخ، يعني به أن القَسَامَةَ لم تَكُنْ سُنَّةً فيما بين العرب، ولكن أبو طالب هو أول من سنَّها من سلامة فطرته.

قوله: (عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ)، أي الحبلُ الذي تُشَدُّ به الجُوَالق.

قوله: (لا تَنْفِرُ الإِبلُ)، هاتِ بالعقل لأَعْقِلَهَا، فإنَّها تَنْفِرُ.

قوله: (قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ)، أي ذاك كان المرجُو منك.

قوله: (أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا): "مهربانى كرئى".

قوله: (ولا تَصْبُرْ يَمِينِي)، اليمينُ الصَّبْرُ: ما تَلْزَمُ المدَّعَى عليه من جانب الحكومة، وأما يُقَال لها: اليمينُ الصَّبْرُ، لأنه يُجْبَرُ عليها.

قوله: (عَيْنٌ تَطْرِفُ) أي: "انكهه جهيكنى والى".

٣٨٤٨ - قوله: (ولا تَقُولُوا: الحَطِيمُ) وإنَّما قيل له: الحَطِيم، لأنه حُطِّمَ من البيت، ولأنه كان من عادة العرب أنهم إذا حَلَفُوا بأمرٍ حَطَّمُوا شيئًا في هذا المكان، تذكارًا لأيمانهم، فلا يَرْفَعُونَهُ حتَّى يَبُرُّوا في أَيْمَانِهِمْ، فَسُمِّيَ حَطِيمًا لذلك. وهذا الذي يُرِيدُهُ الراوي، ولذا مَنَعَ أن يُقَالَ له: حَطِيم. إلَاّ أن السلفَ لم يتَّبِعُوه على ذلك، وأَطْلَقُوه


(١) يقول العبدُ الضعيفُ: قال مولانا شيخُ الهند، على ما هو في تقريرٍ له عندي: إن حديثَ رافع بن خَدِيج قد رُوِيَ على وجوهٍ، مع أن القصَّةَ واحدةٌ. فالترتيبُ على وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سَأَلَ البينةَ أوَّلًا من أولياء المقتول، فإذا عَجَزُوا عنها، أَخْبَرَهُمْ بأخذ الأَيْمَان من المدَّعَى عليهم. فقالوا: كيف نَعْتَمِدُ على قومٍ كُفَّارٍ؟ فلمَّا رآهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يَأتُون ببيِّنةٍ، ولا يَرْضَوْنَ بأيْمانِ اليهود، قال لهم كالمُنْكِرِ عليهم: إنَّكم عَجَزْتُم عن البيِّنة، ولا تَرْضَوْنَ بأَيْمَانِهِمْ، فهل تُرِيدُونَ أن تُسْتَحْلَفُوا أنتم، وتستحِقَّوا دمَ صاحبكم! فلم يَكُنْ هذا الاستحلافُ على شأن المسألة، بل على طريق الإِنكار، والتَّبْكِيت، لِيُقِرُّوا بأنفسهم ومن سلامة فطرتهم، أنهم إذا لم يَكُونُوا هناك، كيف يَحْلِفُون عليه، وهو معنى قوله: "أتستحلفون؟! " بهمزة الاستفهام للإِنكار. فهذا هو الترتيب على وجهه، وما سواه فهو من تقديم الرواة، وتأخيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>