للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ (١) خَصَفَةَ من بَنِي ثَعْلَبَةَ)، أي مُحَارِب بن خَصَفَة (٢)، وخَصَفَةُ ليس من بني ثَعْلَبَة، بل هو ابنُ قَيْسِ، ففيه سهوٌ. والصواب مُحَارِبُ خَصَفَةَ، وبني ثَعْلَبة بالعطف، وراجع الهامش. والصوابُ في إضافة العَلَم إلى الَعَلمِ الجوازُ إذا كانت فيه فائدة، وإن أَنْكَرَها النحاةُ.

قوله: (فَنَزَلَ نَخْلًا) والنَّخْلُ (٣) موضعٌ قريبٌ من ذات الرِّقَاع. وأمَّا النَّخْلَةُ التي صلَّى فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم صلاةَ الصبحِ، واستمع بها نفرٌ من الجِنِّ، فهي عند الطائف على ثلاثة مراحل من المدينة.

قوله: (وهِيَ بَعد خَيْبَرَ، لأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ) استدلَّ منه البخاريُّ على دعواه بأمور: الأول: أن أبا موسى قد شَهِدَ ذات الرِّقاع، مع أنه لم يجيء إلَّا بعد خَيْبَرَ، فَلَزِمَ أن تكونَ ذات الرِّقاع بعد خَيْبَرَ. والثاني: بما رُوِي عن جابر: «أنه صلَّى صلاة الخوف، مع النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في الغزوة السابعة»، وهي ذات الرِّقاع. ولما كانت السادسة هي خَيْبَرُ، لَزِمَ منه كون ذات الرِّقاع بعدها.

ومحصَّل ما نقله عن جابر، وابن عباس أمور: أنه صلَّى صلاة الخوف في ذات الرِّقاع، وأنه صلَّاها في ذات القَرَدِ، وأنه صلَّاها يوم مُحَارِبِ، وثَعْلَبَة، وأنه خرج إلى النَّخْلِ، فَدَلَّ على كون تلك المواضع متقاربة. والمعنى: أنه خَرَجَ من النَّخْل إلى ذات الرِّقاع، كما ذَكَرَهُ جابر آخرًا، فصلَّى بهم صلاةَ الخوف في ذات القَرَدِ. وسيجيءُ أن ذات القَرَد قبل خَيْبَرَ بثلاثٍ، وخَيْبَرَ في السابعة، فَثَبَتَ كون ذات الرِّقاع أيضًا في السابعة.

٤١٢٥ - قوله: (أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ القطَّانُ، عن يَحْيَى بنِ أبي كَثِيرٍ) ... إلخ، وعِمْرَانُ القطَّانُ هذا هو عِمْرَانُ بن دَاوَر، وهو عِمْرَانُ العَطَّارُ. وروى أحمد في «مسنده» عن عِمْرَان العَطَّارِ هذا حديثًا في الوتر، يَدُلُّ على فصله صلى الله عليه وسلّم بين تسع الوتر بالست، والثلاث، ثم أَزَلْ أَفتِّش مَنْ هو، حتَّى رأيت في البخاريِّ: القطَّان في الصُلْب، والعطَّار في الهامش، فاستبنت أن القطَّانَ هو العطَّارُ، إلَّا أنه مشهورٌ بالقطَّانِ. ومن ههنا ظَهَرَ شَرحُ


(١) قال الحافظُ: جمهورُ أهل المغازي على أن غزوةَ ذات الرِّقاع هي غزوةُ مُحَارِب، كما جَزَمَ به ابن إسحاق. وعند الواقديِّ: أنهما اثنتان، وتَبِعَهُ القطبُ الحلبي في "شرح السيرة"، والله أعلم بالصواب.
(٢) قال الحافظُ: وإنما أُضِيفَت مُحَارِب إلى خَصَفَةَ لقصد التمييز عن غيرهم من المُحَارِبين، كأنه قال: مُحَارِبُ الذين يُنْسَبُون إلى خَصَفَةَ، لا الذين يُنسَبُون إلى فِهْر، ولا غيرهم.
(٣) قال الحافظُ: هو مكانٌ من المدينة على يومين، وهو بوادٍ يُقَالُ له: شَرْح، وبذلك الوادي طوائف من قَيْس من بني فَزَارَة، وأَنْمَار، وأَشْجَع، ذكره أبو عُبَيْدة البِكري. اهـ. "فتح الباري". وقال علي: إنه موضعٌ من نَجْدٍ من أراضي غَطَفَان. وغَفَلَ من قال: إن المرادَ نَخْلٌ بالمدينة. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>