للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصحابة». ثم إن عمرَهُ هذا لو كان في فتح مكَّة، فما معنى قوله: «فكُنْتُ أحفظُ ذلك الكلامَ» ... إلخ (١).

٤٣٠٣ - قوله: (هُوَ أَخُوكَ يا عَبْدَ بنَ زَمْعَةَ) ... إلخ. وقد مرَّ الكلامُ فيه مفصَّلًا من قبل، فلا نُعِيدُهُ (٢).

٤٣٠٤ - قوله: (أنَّ امْرَأةً سَرَقَتْ) ... إلخ، وكانت تَسْتَعِيرُ الأَمْتِعَةَ، وتَجْحَدَهَا. وقد بَحَثَ فيه الطحاويُّ. والمحقَّقُ: أنها كانت تَقْتَرِفُ النوعين، وإنما القطعُ للسرقة فقط. وقد اعْتَرَضَ بعضُهم على أن قطعَ اليد غيرُ معقولٍ، كما في شعر نُسِبَ إلى أبي العلاء المعرِّي:

*يدٌ بخمس مئين عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... ما بَالُهَا قُطِعَتْ في رُبْعِ دِينَارٍ؟!

فأجابه القاضي عبد الوهَّاب المالكي:

*عِزُّ الأمانةِ أَغْلَاهَا وأَرْخَصَهَا، ... ذِلُّ الخُيَانَةِ، فافهم حِكْمَةَ الباري (٣)

٤٣١١ - قوله: (لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ)، أي الهجرة التي كانت من مكة إلى المدينة، لأن مكَّةَ صارت دارَ الإِسلام. أمَّا الهجرةُ من دارَ الحرب إلى دار الإِسلام مطلقًا، فانْتَفَتْ اليومَ أيضًا، وذلك لعزَّة دار الإِسلام في زماننا، فأين هو لَنُهَاجِرَ إليه، فإن الأرضَ قد مُلِئَتْ ظلمًا وجَوْرًا.


(١) قلتُ: على أنه لا حُجَّةَ فيه على أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم كان يَعْلَمُهُ أيضًا، ولا أن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم كان أمرهم بذلك. وليس فيه إلا أنهم جَعَلُوهُ إمامَهُمْ، لأنهم وَجَدُوه أكثرَ قرانًا، ثم إن تلك الواقعةَ كانت فيمن كانوا حديثو عهدٍ بالإِسلام، ولم يتعلَّموا كثيرًا من الأحكام، وإنما تعلَّموا شيئًا فشيئًا من أحكام الصلاة، فَبَادَروا إليها على ما فَهِمُوا. فكيف يَلِيقُ التمسُّك في أمر الصلاة بواقعةٍ جزئيَّةٍ مجهولةِ الحالِ، مجهولةِ الوجهِ. والله تعالى أعلم.
(٢) قلت: وقد مرَّ فيما أسلفنا عن الشيخ إن إخوَتَهُ لإِقرار عبد بن زَمْعَة. وفي البخاريِّ في هذا الحديث: أنه من أجل أنه وُلِدَ على فِرَاشِهِ. فَلْيُنْظَرْ فيه. فإنه أقربُ بنظر الشافعيَّةِ.
(٣) قلتُ: وفي "فتح الباري" هكذا:
صِيَانَةُ العضو أغْلَاهَا وأَرْخَصَهَا، ... خيانةُ المَالِ، فافهم حكمةَ الباري
وأجاب عنه الشافعيُّ:
هنَاكَ مَظْلُومَةٌ غَالَتْ بِقِيمَتِهَا ... وههنا ظَلَمَتْ هَانَتْ على الباري
وأجَابَ شمسُ الدين الكُرْدِي بقوله:
قُلْ لِلْمَعَرِّي: عارٌ أيما عارٍ ... جهل الفتى، وهو عن ثوب التُّقَى عاري
لا تَقْدَحَنَّ زِنَادَ الشِّعْرِ عن حكمٍ، ... شعائرُ الشَّرْعِ لم تُقْدَحْ بأشعارِ
فقيمةُ اليَدِ نصفُ الألف من ذَهْبٍ، ... فإن تعدَّتْ، فلا تسوَّى بدِينَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>