للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣٧٣ - قوله: (قَدِمَ مُسَيْلَمَةُ الكَذَّابُ) ... إلخ. وقد بَحَثَ في «الفتح» أنه هل رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أو لا؟ والرواياتُ فيه مضطربةٌ. ويُتَبَادَرُ من لفظ البخاريِّ: «فأقبلَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم» ... إلخ، أنه رآه.

قلتُ: وفي (١) «الفتح» نقولُ تَدُلُّ على أنه بَقِي جالسًا في خيمته، ولم يَخْرُجْ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وتكلَّم بواسطة رسوله. فالظنُّ بالشقي مثله أن يكونَ اللَّهُ سبحانه حرَّمه عن النظر إلى وجه حبيبه صلى الله عليه وسلّم فلا أُسَلِّمُ الرؤيةَ في حقِّه ما لم أَجِدْ صرائحَ الألفاظ، فإن الأليقَ بشأنه هو الحرمانُ والخسرانُ.

٤٣٧٦ - قوله: (سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ العُطَارِدِيَّ) ... إلخ، وهو تابعيٌّ كبيرٌ، يحكي عن قصةٍ في الجاهلية.

قوله: (مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ) يعني: "يه مهينه الك كرنى والا هى نيزونكو" أي إن رَجَبَ يَنْزِعُ عنهم الرماح، لأنَّهم كانوا لا يغزون فيه، كفعل الروافض في المحرَّم، حيث يَحِدُونَ فيه، فَيَنْزِعُون الحلي عن نسائهم، ويَلْبَسُون ثيابًا سودًا.

فائدةٌ: واعلم أن الفعلَ اللازمَ ويَجُوزُ إخراجه مجهولًا في ثلاثة مواضع: صِيمَ رمضان، وسِيرَ بزيدٍ، وسِيرَ سيرًا. ولكن الفعلَ لا يُؤَنَّثُ في الصور كلِّها. والضابطةُ: أن إسنادَه إن كان إلى ظرفٍ غير مُنْصَرِفٍ، أو إلى الجار والمجرور، أو إلى مصدره، جاز إخراجه مجهولًا. وقد جوَّزَهُ بعضُهم في المُنْصَرِفِ، وغير المُنْصَرِفِ تمسُّكًا من قوله: وقد حِيلَ بين العير والنَّزَوَان، وبين: من الظروف المُنْصَرِفَةِ.

٧٣ - باب قِصَّةُ الأَسْوَدِ الْعَنْسِىِّ

٤٣٧٨ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِىُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ - وَكَانَ فِى مَوْضِعٍ آخَرَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ - أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ


(١) قلتُ: أخرج الحافظُ، عن أبي إسحاق: أنه قَدِمَ مع وفد قومه، وأنهم تَرَكُوهُ في رحالهم يَحْفَظُهَا لهم ... إلخ.
وجمع الحافظُ بينه وبين ما في "الصحيح": أنه يَحْتَمِلُ أن يكونَ مُسَيْلَمَةُ قَدِمَ مرَّتين: الأولى: كان تابعًا -كما تَدُلُّ عليه رواية ابن إسحاق- والثانيةُ: كان متبوعًا، وفيها خَاطَبَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم -كما هو عند البخاريِّ- أو يُقَالُ: إن القصةَ واحدةٌ، وكانت إقامتُه في رحالهم باختياره، أنفةً منه، واستكبارًا أن يَحْضُرَ مجلسَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم. اهـ ملخَّصًا من "الفتح".
قلتُ: وإنَّما حَمَلَ الشيخُ على الجنوح إلى ما في رواية ابن إسحاق، مع أن الحافظَ ضعَّفها، غايتُه إحلالُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. فإن غيرةَ الحبِّ لم ترخِّص له أن يُسَلِّمَ فى حقِّه رؤيةَ كافرٍ لمحياه الكريم، ولله دَرُّ القائل:
/غيرت ازجشم برم رؤى توديدن ندهم ... كوش رانيز حديثي تو شنيدن ندهم/
فكيف إذا كان أكفرَ كافرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>