للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمرُهم. وهذا الذي فَهِمَهُ صاحب الواقعة، كما يُعْلَمُ من قوله: «قال كعب: وكنا تخلَّفنا أيُّها الثلاثةُ عن أمر أولئك الذين قَبِلَ منهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم حين خَلَفُوا له» ... إلخ، وفَهِمَ الناسُ معناه، أي تخلَّفوا عن السفر.

قوله: (إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً) ... إلخ، قاله استشارةً، كما يَلُوحُ من السياق، لا أنه وقفٌ، أو نذرٌ في الحال، لتتفرَّعَ عليه المسائل.

حكايةٌ: لمَّا كان من سُنَّةِ المُبَشِّرِ أن يُعْطَى له شيئًا، كَسَى كعبٌ ثوبيه من كان بشَّرَهُ بقَبُول توبته. ومن هذا الباب: ما جرى بين الشافعيِّ، وأحمد، فإن الشافعيَّ سافر من الحجاز مرَّتين: مرَّةً إلى محمد بن الحسن، ومرَّةً إلى الإِمام أحمد، فلمَّا قَفَلَ إلى مصر رأى رؤيا: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يقول: بشِّرْ أحمدَ على بلوى تُصِيبُهُ، فقال لأصحابه: من يقوم منكم بهذا الأمر؟ قال له المُزَنيُّ وهو خالُ الطحاويِّ: أنا. فلمَّا بَلَغَ أحمد، وبشَّره به، بكى، وقال: لعلَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم اسْتَشْعَرَ بي ضعفًا وخشوعًا، ثم نَزَعَ قميصه وأعطاه. فلمَّا رَجَعَ المُزَنيُّ إلى الشافعيِّ، وقصَّ عليه أمره، سأله أنه هل أعطاه شيئًا؟ قال: نعم، هذا قميصه. فقال له الشافعيُّ: إني لا أُجْهِدُكَ اليوم، ولا أقول: أن تسمحَ لي بقميصه. ولكن أَرْجُو منك أن تَبُلَّهُ في الماء، ثم تَعْصِرَهُ، فتعطيني عُصَارَتَهُ، ففعله. فلمَّا جاءه بالماء المطلوب شَرِبَ بعضَه، ومَسَحَ ببعضه. فهذا شأنُ الأئمة، وهداة الدين فيما بينهم رحمهم الله تعالى.

٨٢ - باب نُزُولُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْحِجْرَ

٤٤١٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحِجْرِ قَالَ «لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلَاّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ». ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِىَ. أطرافه ٤٣٣، ٣٣٨٠، ٣٣٨١، ٤٤٢٠، ٤٧٠٢ - تحفة ٦٩٤٢

٤٤٢٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِ الْحِجْرِ «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَاّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ». أطرافه ٤٣٣، ٣٣٨٠، ٣٣٨١، ٤٤١٩، ٤٧٠٢ - تحفة ٧٢٤٦

- أي ديار ثَمُود -.

٤٤١٩ - قوله: (ثمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ) وكأن هذه كانت هيئةَ متعوِّذٍ من عذاب الله تعالى. وهذا عندي أصلٌ لاستحسان الطَّيْلَسَان. وحرَّر السيوطي فيه رسالةً، إلَّا أن ذهنَه لم يَنْتَقِلْ إلى هذا الاستنباط.

فائدةٌ: واعلم أن دِيَارَ ثَمُودَ كانت على سيف البحر من هذا الجانب، وذهابه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>