للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زُرْعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: ١٥٨]». أطرافه ٨٥، ١٠٣٦، ١٤١٢، ٣٦٠٨، ٣٦٠٩، ٤٦٣٦، ٦٠٣٧، ٦٥٠٦، ٦٩٣٥، ٧٠٦١، ٧١١٥، ٧١٢١ - تحفة ١٤٨٩٧

٤٦٣٦ - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا». ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ. أطرافه ٨٥، ١٠٣٦، ١٤١٢، ٣٦٠٨، ٣٦٠٩، ٤٦٣٥، ٦٠٣٧، ٦٥٠٦، ٦٩٣٥، ٧٠٦١، ٧١١٥، ٧١٢١ - تحفة ١٤٧١٦

واستدلَّ به الزمخشريُّ لمذهبه، وقال: إنَّ الآيةَ تدلُّ على أنَّ الإِيمانَ بدون عَمَل صالح غيرُ نافع. قلتُ: وبناؤُه على أن تقديرَ الآيةِ هكذا: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} وذلك لأنَّ المعطوفَ يَسُدّ مَسَدَّ المعطوف عليه، أما إنَّ أيَّ قَدْرٍ يُؤخذ من المعطوف عليه، فهو إلى الناظر، فَأَخَذ الزمخشريُّ: {آمَنَتْ} من المعطوف عليه، وقَدَّره في المعطوف، وحينئذٍ حاصِلُها أنَّ النَّفْس التي لم تُؤمن قَبْل طلوعِ الشَّمْس إنْ آمَنَت بعده لا يَنْفَعُها إيمانُها، أو كانت آمَنَت مِنْ قَبْل، ولم تكن كَسَبت عَملًا صالحًا، لا ينفعها إيمانُها أيضًا. فالإِيمانُ بعده غيرُ مقبولٍ، وكذا الإِيمانُ بدون عملٍ صالح قَبْلَه غيرُ نافع، وهذا هو المقصودُ.

وقد أجاب عنه العلماءُ قديمًا كابنِ الحاجب في «أماليه»، ومِن معاصِرِيه ابنُ المُنير في حاشيةِ «الكشاف» - وكانت بينهما مُكاتبةٌ، وكذا التفتازاني في حاشيته على «الكشاف»، وأَقْدَمُ منه الطِّيبي، وجوابُه أَلْطَفُ وأَشْفَى. وأقول: إنَّ حَرْف - «أو» - ههنا في سياق النَّفي، فيفيدُ السَّلْب الكُلِّي، كما في قوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤]، وتقديرُها عندي: يومَ يأتي بَعْضُ آياتِ رَبِّك، لا ينفعُ نفسًا إيمانُها لم تكن آمَنت مِنْ قبل، أو لم تكن كَسَبت في إيمانها خَيْرًا، فمآلُها إلى انتفاءِ الإِيمانِ، والعمل الصالح جميعًا، أي لم يكن عندها هذا، ولا ذاك، وعَدَم النَّفْع لمن لا يكون عنده شيءٌ من الإِيمان، والعَمَل أَمْرُ مُجْمعٌ عليه (١).

وأُجيب أيضًا أنَّ الآيةَ في اليوم الذي تَطْلُع فيه الشَّمسُ من المَغْرب، فلا ينفع فيه الإِيمانُ بدون العملِ. ومفهومُه أنه يُعْتبر قَبْلَه. وذلك ما أردناه، وراجع رسالتي «فصل الخطاب» -ذيل البيان في فصاعدًا-.


(١) قلتُ: وحينئذٍ لا بدَّ مِن بيانِ نكتةٍ للتعرُّضِ إلى خصوصِ هذا اليوم، فإِنَّ عدمَ النَّفْع عند الخُلُو عن الإِيمان، والأعمال عامٌّ لا اختصاصَ له بيومٍ دون يوم، ولم يتفق لي فيه مراجعةٌ إلى الشيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>