للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ وَإِنِّى لَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالٍ وَوَلَدٍ. قَالَ فَنَزَلَتْ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (٨٠)} [مريم: ٧٧ - ٨٠]. أطرافه ٢٠٩١، ٢٢٧٥، ٢٤٢٥، ٤٧٣٢، ٤٧٣٣، ٤٧٣٤ - تحفة ٣٥٢٠

قوله: (قال ابن عباس: {أَبْصِر بهم وأَسْمِع}: اللَّهُ يَقُولُه) ... إلخ. يشيرُ إلى تأويلِ وُرُود فِعْل التعجُّب في القرآن، فإِنَّ الظاهِرَ أنَّ الله تعالى لا يأخُذه عَجَبٌ، فما معنى صِيغ التعجب في حَقِّه؟ فحرر فيه السُّيوطي رسالةً، وقال: إنَّ صِيغ التعجُّب قد تَنْسلِخُ عن معناها، وإنْ كانت في الأَصْل لتلعجب، وحينئذ صَحَّ وُقوعُها (١) في القرآنِ بدونِ إشْكَال.

قوله: ({عِتِيًّا}) وتفسيره في «الهامش». وقد سَمِعت أنَّ المصنِّف لم يُحْسن في تلخيص مجاز القرآن، ثُم لم يتوجَّه إليه صاحِبُ النسخة أيضًا، فصار ضغثًا على إبالة، ولذا أَشْكل فَهْمُه على الطَّلَبَة.

٤٧٣٠ - قوله: (ويُؤتَى بالموتِ كهيئةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ) ... إلخ. ويتولى ذَبْحه يَحْيى عليه السلام، ثُم ما الحِكْمةُ فيه؟ فاللَّهُ سبحانه أَعْلمُ بأسرارِ مُبْدَعاته، وحكم غرائِبه، ويمكن أن يُقال: إنَّ اسمَهُ لما كان مُشتقًّا من الحياة، ناسب له ذَبْح الموت. فإِنْ قلت: إنَّ الموتَ معنى، فكيف يُذْبح؟! قلتُ: رَحِمك اللَّهُ إذا مَرَرت بأَمْرٍ من عالم الغيب، فلا تَضْرب له مَثلًا. أما سَمِعت أن الكليَّ الطبعي عند المَعْقُوليين، موجودٌ في الخارج، بل محسوسٌ عند بَعْضِهم. وتفصيله أنَّ زيدًا، وعمرًا، وكذا غيرَهما من أفرادِ الإِنسان موجودون في الخارج، فأخذوا من هؤلاء الأفرادِ مفهومًا يُوصَف بكونِه صادِقًا على الكثيرين، وهو الكُليّ المَنْطِقي، ثُم إنَّ هذه الأفرادَ لما كانت موجودةً في الخارج لا بد أن تكون الإِنسانيةُ أيضًا فيه، وإلَّا لَزِم أن لا يكون زيدٌ موجودًا في الخارج، لانتفاء جزئه، فلزِم وجودُ الكليّ الطبعي في الخارج.

قال ابنُ سيناء: إنَّ نِسبةَ الكلي الطبعي إلى أفرادِه، ليست كنِسْبةِ الأب إلى أبنائه، بل كنسبةِ الآباء إلى أبنائهم قلتُ: مرادُه أنَّ الكليَّ بتمامِه موجودٌ في كلَ مِن أفراده، لا أنه موجودٌ في مجموع أفرادِه بوجود واحدٍ، فكما أنَّ الكليَّ الطبعي موجودٌ عندهم في


(١) قلتُ: وقد مَرّ ما فيه عند الشيخ، ومُلَخَّصُه أنَّ الله تعالى يحاور عبادَه حسب ما يتعارفون فيما بينهم، فيذكر التعجُّب فيما يتعجبون منه، ويذكر الضَّحك فيما يضحكون منه، ليعرفوا ذلك منه من غير تمثيل، ولا تشبيه، وَيكلوا الكَيْف إلى الله عَزَّ وجل، فإِنَّ الحقَّ أن كلَّ ما ورد به الشَّرْعِ، فهو ثابِت في جَنابه تعالى، نعم لا بدّ أن يُنزَّه جَنابُه مما يجب التنزيهُ له، وآخِرُ ما استقرَّ عليه رأيُ الشيخ أنَّ كلَّ ذلك تجلياتٌ، وسيردُ عليك تفصيلُه إنْ شاء الله تعالى، بما يكفي ويشفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>