للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

*تركت اللات والعُزّى جميعًا، ... كذلك يفعل الجلد الصبور

*فلا العُزّى أدين ولا ابنتها، ... ولا صنمى بني عمرو أزور

*ولا هبلا أزور وكان ربا ... لنا في الدهر إذ حلمي صغير

وكانت سُدنةُ العُزّى بني شَيْبان بن جابر بن مُرّة بن عبس بن رِفاعة بن الحارث بن عتبة بن سُلَيم بن منصور، وكانوا حُلَفاء بني الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وكان آخِرَ مَنْ سدَنها منهم دبيةُ بن حزمي السّلَمي، وله يقول أبو خراش الهُذلي، وكان قدم عليه، فحذاه نعلين جديدتين .... فقال:

*حذاني بعد ما خدمت نعالي ... دبية أنه نعم الخليل

*مقابلتين من صلوى مشب ... من الثيران وصلها جميل

*فنعم معرس الأضياف تزجى ... رحالهم شامية بليل

*يقاتل جمعهم بمكللات ... من البرني يرعيها الجميل

فلم تزل العُزّى كذلك حتى بعث اللهُ نَبِيّه صلى الله عليه وسلّم فعابَها وغيرها من الأصنام، ونهاهم عن عبادَتِهم، ونزل القرآن فيها، فاشتد ذلك على قُريش. ومَرِض أبو أُحَيْحة سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف مَرَضه الذي مات فيه، فدخل عليه أبو لَهب يعودُه، فوجده يبكي، فقال له: ما يبكيك يا أبا أُحيحة، أمِن الموتِ تَبكي ولا بد منه؟ فقال: لا، ولكني أخاف ألا تعبدوا العُزَّى بعدي. فقال له أبو لهب: ما عُبِدت في حياتِك لأَجْلِك، ولا تُتْرك عبادتُها بعدك لموتِك، فقال أبو أُحَيْحة: الآن عَلِمت أنَّ لي خليفةً، وأعجبه شدة نصبه في عبادتها.

قال أبو المُنْذر: وكان سعيد بن العاصي أَبو أُحَيحة يَعْتَمُّ بمكةَ، فإِذا اعتمَّ لم يعتمَّ أحدٌ بلون عِمامته. قال أبو المُنْذر: حدثني أَبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: كانت العُزَّى شيطانةً تأتي ثلاثَ سَمُرات ببطن نخلة، فلما افتتح النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مَكّةَ بعث خالدَ بنَ الوليد، فقال له: إئت بطنَ نَخْلة، فإِنك تَجِدُ ثلاثَ سَمُرات، فأَعْضِد الأُولى، فأتاها فَعَضَدَها، فلما عاد إليه قال: هل رأيت شيئًا؟ قال: لا، قال: فأعضِد الثانية، فأتاها فعضَدها، فلما عاد إليه، قال: هل رأيت شيئًا؟ قال: لا، قال: فأعْضِد الثالثة، فأتاها، فإِذا هو بخناسةٍ نافشة شعرها، واضعة يديها على عاتِقِا، تصرف بأنيابها، وخلفها دبية بن حزمى السلمي، ثُم الشَّيباني، وكان سادِنَها، فلما نظر إلى خالد قال:

*فيا عز شدى شدة لا تكذبي ... على خالد ألقى الخمار، وشمري

*فإِنك إلا تقتلي اليوم خالدًا ... تبوئي بذل عاجل وتنصري

فقال خالد:

*يا عز كفرانك لا سبحانك، ... إني رأيتُ اللَّهَ قد أهانك

<<  <  ج: ص:  >  >>