للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كُنَّا فِى غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَسَمَّعَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا هَذَا». فَقَالُوا كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَالَلْمُهَاجِرِينَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». قَالَ جَابِرٌ وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَوَقَدْ فَعَلُوا، وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ». طرفاه ٣٥١٨، ٤٩٠٥ تحفة ٢٥٢٥ - ١٩٣/ ٦

قوله: (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) قال صاحب «التلخيص»: معناه لكاذبون في الشهادة، أو التسمية، أو المشهود به في زَعْمهم. قلتُ: هذا باطِلٌ يرده الحديث، وهكذا المرءُ إذا أتى في غير فَنِّه يأتي بالعجائب. فالصوابُ في الجواب ما يُستفاد مما أخرجه المصنِّف عن زيد بن أرقم، قال: كُنْت في غزاة، فسمعت عبدَ الله بنَ أُبَي يقول: لا تُنْفِقوا على مَنْ عندَ رسول الله حتى يَنْفَضُّوا من حوله، ولو رجعنا مِن عنده لَيُخْرِجَنّ الأعزُّ منها الأَذَلَّ، فذكرت ذلك لعمِّي، أو لِعُمَرَ، فذكره للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فدعاني، فحدثته، فأرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم إلى عبدِ الله بن أُبَي، وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذَّبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم وصَدَّقه ... إلخ. وفي تلك القصة نزلت الآيةُ، وأُخْبر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إنّهم لكاذِبون، أي فيما حلفوا لك أنهم ما قالوا، فاللَّهُ سبحانه كَذَّبهم في حَلِفِهم، لا فيما ذكره صاحِبُ «التَّلْخيص».

قوله: ({لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ}) فالتلويةُ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كُفْر، بخلافِ غيره، فدلَّ على أن فِعْلًا واحدًا يمكن أن يكونَ كفرًا، وغير كُفْر بالنسبةِ إلى الشخصين.

٤٩٠٦ - قوله: (فكَتَب إلى زيدٍ بنِ أَرْقَم) ... إلخ. أي يُعزِّيني، ثُم قال أَنس ما حاصله: إنَّ زيدًا ممن صَدَّقه اللهُ تعالى فيما قال لابنِ أُبَي.

[فائدة]

وعن سعيد بن المسيّب عند الدارمي في «مسنده»: أنَّ يزيدَ لما أحل حرم الله المدينة، وجعل يسفك فيها دماء المسلمين، ألقيت نفسي في المسجد النبوي، كأني مجنون، وما بي من جنون، ولكن أردت منه الاتقاء عن شر يزيد، فكنت أسمع يومئذٍ صوت الأذان من الروضة المطهرة، وعد ذلك من مناقب سعيد؛ قلتُ: وقد مرّ معنا ما في القبور من الأحوال، فتذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>