للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلى بيتِ المقدس بعد وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فصعدت على جبل هناك، وقالت: بُعِثَ عيسى عليه الصلاة والسلام من ههنا.

قلتُ: وفيه دليلٌ على عظمةِ عِلْمها، ولعلها تَعلَّمته من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فإِن قلت: إنَّها كانت من يهود، فلعلها تَعَلّمت ما تعلمت من تلقائهم. قلتُ: كيف وأن اليهود كانوا أعداءً لعيسى عليه الصلاة والسلام، فما كانوا ليفتشوا عن إخباره عليه الصلاة والسلام، ويحققوها من الناس، فالظاهر أَنَّها تعلّمت من جهة النبي صلى الله عليه وسلّم وفيه إشارةٌ إلى ثلاثِ نبوات. أما نبوةُ عيسى عليه الصلاة والسلام فقد عَلِمتها، ونبوة موسى عليه الصلاة والسلام، فأشار إليه بقوله: {وَطُورِ سِينِينَ (٢)}؛ ونبوة خاتم الأنبياء عليهم السلام، فأشار إليها بالبلدِ الأمينِ، الذي هو مَكّة.

أما الجواب (١) عن معنى القَسَم بهذه الأشياء، فقد مَرّ معنا غيرَ مَرّةٍ: أنَّ النحاةَ لو لم يُسمّوا الواو في مثل هذه المواضع بواو القسم لاسترحنا عن هذه الإِشكالات، فإِنَّ الواو فيها ليست إلَّا للاستشهاد، وإفادة التأكيد، والسرّ فيه أن الخلائِقَ لما كانت حقيرةً ذليلةً بين يَدَي رَبِّها، دلّ حَلِفهم باسمه المبارك على عظمته تعالى، بخلاف عَكْسه، فلا يدلُّ حَلِفه تعالى بشيء على عظمةِ ذلك الشيء، بل يكون للمعنى المفاد من الحَلِف، وهو التأكيد، وحينئذٍ لو ترجموه: "تين كى شهادت اورزيتون كى شهادت ... " إلخ، ولم يترجموه بترجمة اليمين، لما ورد شيءٌ. وكان الأَوْلى للنُّحاة أن يُسمُّوها بتسميةٍ أخرى، ولم يُسمّوها بواو القسم.

[١ - باب]

٤٩٥٢ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَدِىٌّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى سَفَرٍ فَقَرَأَ فِى الْعِشَاءِ فِى إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. {تَقْوِيمٍ} [٤] الْخَلْقِ. أطرافه ٧٦٧، ٧٦٩، ٧٥٤٦ - تحفة ١٧٩١ - ٢١٤/ ٦

٤٩٥٢ - قوله: (فقرأ في العشاءِ في إحْدَى الرَّكْعتين بالتِّين والزَّيْتُون) أي قرأ «بالتين» في الركعة الأُولى. و «بإِنا أنزلناه» في الثانية (٢).


(١) وفي مذكرة للشيخ: وعن ابن مسعود أنه قال: إنما أَقْسم اللهُ بهذه الأشياء ليعجب بها المخلوقين، ويعرفهم قدرته، لعظم شأنها عندهم، ولدلالتها على خالقها، اهـ: "فتح الباري" فكأن القَسَم في اللغة مجردُ اعتناء بالمُقسَم به.
(٢) قلتُ: وفيه إشعار بحذف السورة في الأُخريين، لأنه لم يتعرض إلى سورةٍ فيها، مع تَعرُّضه إليها في الأوليين، والله تعالى أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>