للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٩٦ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِىَّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ». تحفة ٩٩

١٩ - باب الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ

٥٠٩٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ فِى بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ». وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ «لَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ». فَقِيلَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ قَالَ «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». أطرافه ٤٥٦، ١٤٩٣، ٢١٥٥، ٢١٦٨، ٢٥٣٦، ٢٥٦٠، ٢٥٦١، ٢٥٦٣، ٢٥٦٤، ٢٥٦٥، ٢٥٧٨، ٢٧١٧، ٢٧٢٦، ٢٧٢٩، ٢٧٣٥، ٥٢٧٩، ٥٢٨٤، ٥٤٣٠، ٦٧١٧، ٦٧٥١، ٦٧٥٤، ٦٧٥٨، ٦٧٦٠ - تحفة ١٧٤٤٩

وفي الحديث مسألةُ خِيار العِتْق، والروايات في زَوْج بريرةَ مختلفةٌ، ومال البخاري إلى كونِه عبدًا عند العِتْق. قلتُ: ولا يخالِفُنا الحديثُ على هذا التقدير، فإنْ ثبت كونُه حرًا كان حجةً لنا؛ وبالجملةِ الحديثُ حجةٌ لنا على تقدير، ولا يخالفنا على تقدير. وقد عارضه العينيُّ، فأتى بأسماء الرواة الذين قالوا: إنه كان حُرًّا، وادَّعى أنهم أكثرُ عددًا مِمَّن رَوَوا كونَه عبدًا، وقد سخر ههنا ابنُ القَيِّم على تفقّه صاحبِ «الهداية». أقول: والأَوْلى أن يُؤخذ بِتفقّه الطحاوي، وقد ذكرنا كلَّه من قبل (١).


(١) راجع "المعتصر": عن عائشة أنَّ زَوج بريرة كان حرًا، ورُوي عنها أنه كان عبدًا. واحتجَّ مَنْ رَجّح كونه عبدًا بما رُوي عن عائشة أنه كان لها غلامٌ وجارية، زوجان. فقالت: يا رسول الله، إني أريد أن أعتقهما. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ابدئي بالرجل قبل المرأة"، ففيه أن الأَمة لا خيار لها إذا أُعتقت، وزَوْجُها حر، ولكن لا شك أن الزوجين كانا غيرَ بريرة وزوجها. ومُحالٌ أن يأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بما فيه الحياطة لأحدِ الزوجين، وإبطال حقّ الآخر، وهو خِيار العِتْق الثابِت لها في شَرْعه. فالمعنى في ذلك، هو أن عائشةَ لما استشارته، أَمَرها بِعِتْق أعظمهما ثوابًا، وهو إعتاق الذِّكر وإرجاء أمر الجارية، لترى فيها بين حبسها وبين الصلة بها لأرحامَهَا، كما في حديث مُرّة بن كعب، وكما رُوي عن ميمونَة أنها أعتقت وليدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك". وعن ابن عباس أنه كان عبدًا، ولم يختلف عنه في ذلك كما اختلف عن عائشة. والتوفيق أن الحريةَ تكون بعد العبودية من غير عَكْس، فجعل عبدًا، ثُم جعل حرًا بعد ذلك، في الحال التي خيرت الزوجةُ بين المقام عنده وبين الفراق، دفعًا للتعارض.
وما رُوي عن جرير، عن هشام، عن أبيه عن عائشةَ، قالت: "كان زوج بريرةَ عبدًا، ولو كان حُرًا لما خيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، لا يرد ما ذكرناه، إذ لا نعلمَ من المتكلم من رواة هذا الحديث: هل هو عائشة أو مَن دونها؟ ولما لم نعلم، فنجعله قولَ صحابيِّ لا مخالِفَ له. قال القاضي: ويعارِضُه ما روي عنها أنه كان حُرًا. واحتمل أن يكون قول التابعي رواه عنها، أو من دونه، فيقابلُ قولُه بقولِ طاوس: إنَّ لها الخيار، وإن كان زوجها رجلًا من قريش، ثُم نظرنا فوجدنا مولى الأَمة له أن يزوِّجها حُرًا أو عبدًا، كالأب يزوج الصغيرة مَن شاء، ثم لا يكون لها بعد البلوغ خِيار، سواء كان الزوج حُرًا، أو عبدًا، فينبغي أن يستوي الحالان: الأَمة. ولا خلاف في أن لها الخيارَ إذا كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>