للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رخَّص القرآنُ بتزوّج الأربع من النساء، مع بيان عدم رضائه به، لتعذُّر العَدْل بينهنَّ (١).

١٠١ - باب إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ

٥٢١٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنْ قَالَ السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا. طرفه ٥٢١٤ - تحفة ٩٤٤

وعلم أنَّ الفقهاء الثلاثة قالوا: إنَّ الجديدةَ إنْ كانت بِكْرًا يقيم عندها سَبْعَ ليال، وإن كانت ثَيِّبًا فثلاثًا، ولا تكون تلك المدةُ محسوبةً من القَسْم. ولكن يسوي بينهم بعد ذلك. وعندنا الجديدةُ والقديمةُ سواءٌ في القَسْم. وأما قوله: «إذا تَزوَّج البِكْر على الثَّيّب أقام عندها سبعًا، ثُم قَسم»، فمعناه عندنا أَنْ يَقْسم لهن كلّهن بسبعٍ في تلك الدورة، وهكذا، فليفهم في الثَّيّب، ولنا ما عند (٢) النَّسائي من قوله صلى الله عليه وسلّم لأُمِّ سَلَمة: «إنْ شِئْتِ سَبَّعتُ لك، وإنْ سبعت لك، سَبَّعت لنسائي». وهو عند الطحاوي أيضًا.

١٠٢ - باب إِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ

٥٢١٤ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَخَالِدٌ عَنْ أَبِى قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ


(١) قلتُ: ومن ههنا تبيّن سِرُّ آخَر في جواز فوق الأرْبع للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - دون الأُمة، فإنَّهم لا يقدِرون على العَدْل فيما فوق الأربع، بخلاف النبيِّ فلم توجد في حَقّه عِلَّة المَنْع، وله وجوهٌ أُخَر أَيضًا ذَكَرها القَوْم، ولا نذكُرها لغرابةِ المقام.
(٢) قال الشيخ الخطّابي: السَّبع في البكر، والثلاث في الثَّيّب حَقُّ العَقْد خصوصًا، لا يحاسبان على ذلك، ولكن يكون لهما عفوًا بلا قِصاص. ثُم أجاب عن رواية النسائي، وقال: ليس فيه دليلٌ على سقوط حَقّها الواجب لها إذا لم يُسبع لها، وهو الثلاث التي هي بمعنى التسويغ لها، ولو كان ذلك بمعنى التبدئةِ، ثُم يُحاسب عليها، لم يكن للتخييرِ معنًى، لأنَّ الإِنسان لا يُخيّر بين جميع الحَقّ وبين بَعْضِه، على أنه بمعنى التخصيص.
قال الشيخ: ويُشبِه أن يكونَ هذا من المعروفِ الذي أَمَر اللهُ تعالى به في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]، وذلك أن البِكر لما فيها من الخفر والحياء، تحتاج إلى فَضل إمهال، وصَبر، وحُسن تأنٍ ورِفْق، ليتوصل الزَّوج إلى الأدبِ منها؛ والثَّيْب قد جرْبت الأزواج، وارتاضت بصحبةِ الرجال، فالحاجة إلى ذلك في أمرها أقل، إلا أنها تُختصّ بالثلاث مَكرمة لها، وتأسيسًا للألفة فيما بينه وبينها، والله تعالى أعلم. اهـ "معالم".
قلتُ: وإنما نقلت عبارةَ الشيخ لِتُقدّر منازلَ العلماء، وأنهم ليسوا بعاجزين في موضع، وإنْ كان الظاهر أنّ الشيخ لم يقدر على جواب روايةِ النسائي، ولا ريب، أنه حُجّةٌ صريحةٌ للحنفية، وللتأويل مساغ، ولكن أين هذا من ذاك!.

<<  <  ج: ص:  >  >>