للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ، لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ». أطرافه ٢٦٣٩، ٥٢٦١، ٥٢٦٥، ٥٣١٧، ٥٧٩٢، ٥٨٢٥، ٦٠٨٤ - تحفة ١٦٥٥١

٥٢٦١ - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَتَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَ فَسُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَحِلُّ لِلأَوَّلِ قَالَ «لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الأَوَّلُ». أطرافه ٢٦٣٩، ٥٢٦٠، ٥٢٦٥، ٥٣١٧، ٥٧٩٢، ٥٨٢٥، ٦٠٨٤ - تحفة ١٧٥٣٦

واعلم أنَّ الطلاق البِدعي ينقسم عندنا إلى قسمين: بِدعي من حيثُ الوقتُ، وهو في زمان الحَيْض، وبِدَعي من حيثُ العددُ. وأما عند الشافعيِّ (١) فلا بِدعي عنده مِن حيثُ العددُ، فلا يكونُ الجَمْع بين الطلاقاتِ الثلاث بِدعةً عنده، وإليه مال المصنّف، خلافًا للجُمهور. وقال داود الظاهري: إن جَمْعها في لفظ يقع واحدًا أيضًا، وهذا الذي ذهب إليه ابنُ تيميةَ. واختاره غيرُ المقلِّدين أيضًا، وتمسّك البُخاري بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} وَوَجْه الاستدلالِ منه ذكره المُحشِّي.

قلتُ: الآية حُجّة عليه لا له، فإِنه ليس معنى قوله: {مَرَّتَانِ} اثنتين، بل معناه مَرّة بعد مرة. وذلك لأنَّ التثنيةَ على نحوين: الأول: نحو زيدان تثنية لِزَيد، والثاني تثنية ما فيه تاء الواحدة، ويُسمّى تثنيةَ التكرير، كما في قوله تعالى: {فارجِع البَصَر كَرَّتَين} وكالمرةِ والمَرَّتان، ومعناه مَرّة بعد مرة، فحصل فيه معنى التثنية مع مراعاةِ الوحدة، كذا فَهِمه الزَّمخشريّ.

ومن ههنا زال الإِشكال المشهور، أن التاء في المرة للوحدة، فكيف بتاء التثنية منها؟ والجواب أنها بمعنى التكرير. وإذَن دَلّت الآيةُ على التفريق، لا على الاجتماع الذي هو مقصودُ المصنِّف.

قوله: ({فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ}) أي الرَّجْعة عنها.

قوله: ({أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}) وهو تَرْك الرَّجْعة، وقوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا} ... إلخ، طلاقٌ ثالِثٌ عندنا. ومُحصَّل الآيةِ أن الله سبحانه ذَكَر أولا طَلْقتين، وحُكُمهما، فذَكَر أنه واحد بعد واحد، وأنهما يَعْقُبهما الرَّجعة، وأنهما قد يكونان بمال، وقد يكونان بغير مال، وسمى الطلاق بالمال خُلْعًا. ولما فَرَغ من بيان أحكامِهما، شَرَع في ذِكْر الثالث، وقال: {فَإِن طَلَّقَهَا} ... إلخ، فتلك لا رجعة بعدها، هذا ما عندنا.

وقال الشافعيُّ: إنَّ الطلاقَ الثالثَ هو قوله: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. فالمراد منه عنده


(١) وراجع "معالم السنن"، وهو مُهم مع تقرير، لكون الجمع بين الطلقاتِ بِدْعة، كما هو مذهبنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>