للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رِجْلُهُ فَأَقَامَ فِى مَشْرُبَةٍ لَهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا. فَقَالَ «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». أطرافه ٣٧٨، ٦٨٩، ٧٣٢، ٧٣٣، ٨٠٥، ١١١٤، ١٩١١، ٢٤٦٩، ٥٢٠١، ٦٦٨٤ تحفة ٦٧٩

٥٢٩٠، ٥٢٩١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما كَانَ يَقُولُ فِى الإِيلَاءِ الَّذِى سَمَّى اللهُ لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إِلَّا أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ بِالطَّلَاقِ، كَمَا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ لِى إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ. وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِىٍّ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ وَاثْنَىْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة ٨٣٩٠

واعلم أنَّ الشَّرْع اعتُبِر الإِيلاء بما دونَ أربعة أشهر يمينًا كسائر الأَيْمان، ولم يدخل فيه بنفسه، فإِذا حلف بالمدةِ المذكورة، فكأنّه أراد الحَيْف عليها، فجعل له بابًا، وبنى له أَحْكامًا، فإِن جامَع المولى في المدّة عليه كفارةُ يمينه، وإنْ بَرّ فيه، ولم يُجامع بانَت منه بلا تفريق القاضي. وقال الآخَرُون: إنَّ القاضي يُجْبر عليه بعد مُضي المُدّة. إما أن بفيء، أو يُفرِّق القاضي بينهما، فإِن فاء عليه كفارةُ يمينه، وأَتَى البخاريُّ بآثارٍ على خلاف مذهب الحنفية.

قلتُ: والأَصْل أن المَدار فيه على التفَقّه (١)، وقد مَرّ معنا أن سطح الإِيلاء يقتضي أن لا يحتاج الفُرقة فيه إلى قضاءِ القاضي، وذلك لأنه ضَرَب فيه مُدّة، ومُضي تلك المدّةِ لا يحتاجُ إلى القضاء، بل ذلك أَمْر يَتِم وهي في بيتها أيضًا، بخلاف اللِّعان، كما قَرّرناه. ولما تبينت أن المسألة سَرى فيها الاجتهادُ، لم أتأثر مِن تعديد المصنِّف أسماء السَّلف. وراجع (٢) من الشروح أسماء مَنْ وافقنا مِن السَّلف.


(١) ذكره ابنُ رُشْد، فقال: وأما أبو حنيفة فإِنه اعتمد في ذلك تشبيه هذه المدةِ بالعِدّة الرجعية، إذ كانت العِدة إنما شُرِعت لئلا يقعَ منه ندم؛ وبالجملةَ فَشَبّهوا الإِيلاء بالطلاق الرجعي، وشبهوا المُدّة بالعدّة، وهو شَبَهٌ قوي، وقد رُوي ذلك عن ابن عباس. اهـ "بداية المجتهد".
(٢) قال العلامة المارديني بعدما تكلم في أسانيد ما رُوي عنه ابن مسعود: وظهر بهذا كلِّه أن ابن مسعود يرى وقوعَ الطَّلاق، بمعنى المدة، ولهذا قال صاحب "الاستذكار": هو مذهبُه المحفوظ عنه. وقال ابنُ أبي شيبة عن علي، قال: إذا مضت أربعةُ أشهر، فهي تطليقةٌ بائنةٌ، ومثله رَوى عنه ابنُ حَزْم، والطحاوي؛ وروى ابنُ أبي شَيبة عن ابن عمرَ، وابن عباس نحوه. وفي "الأشراف" لابن المُنْذر: كذا قال ابنُ عباس، وابن مسعود. ورُوي ذلك عن عثمانَ بن عَفّان، وعلي، وزَيْد بن ثابت، وابنِ عمرَ. ونقل صاحِب "الاستذكار" نحوه عن هؤلاء، وقال: هو قولُ أبي بكر بن عبد الرحمن، وهو الصحيح عن ابن المسيب، ولم يختلف فيه عن ابن مسعود. وقاله الأوزاعي، ومَكْحول، والكوفيون، وأبو حنيفة، وأصحابه، والثَّوري، والحسن بن صالح، وبه قال عطاءُ، وجابر بن زَيْدٍ، ومحمد ابن الحنفية، وابن سِيرين، وعِكرمة، ومَسْروق، وقَبِيصة بن ذؤيب، والحسن، والنَّخَعي. وذَكَره مالك عن مرْوان بن الحَكَم، وأخرج ابن أبي شيبةَ نحوه عن أبي سَلَمة، وسالم. اهـ مختصرًا، مع خلاف الأسانيد: "الجَوْهر النقي".

<<  <  ج: ص:  >  >>