للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو دَوامُه، وحفظه عن التغيُّر والفسادِ، والسُّكر (١).

قوله: (وشرب البراء، وأبو جحيفة على النصف) ... إلخ، واعلم أن المنصَّفَ حرامٌ، لكونه مُسكرًا (٢).

قوله: (فإن كان يسكر جلدته) وقصته: أن ابني عمر كانا ذهبا إلى المصر للجهاد، وكان الأميرُ فيها عمرو بن العاص، فشربَ عُبيد الله طلاءً يظنُّه غير مسكرٍ، فسكِرَ، وكان عمر قد أحل الطِّلاء لأهل الشام، كما علمت، فقال له عبد الله: إنك أمير، والحد إليك، فلو حدَدْتَه على وجه لا يُعرف به أحد، ففعل. فلما بلغ ذلك عمر، قال: يا عمرو بن العاص كنتُ أثقُ بك، ولكن أخطأتَ فيما ظننتُ فيك، فدعا عبد الله، وكان عليلًا، فحدَّه، فتوفِّيَ فيه، وإنما حده عمر على السكر لا على شرب الطِّلاء، فإنَّه كان أحلَّه لأهل الشام. وقد علمت من كلام الحافظ الاختلاف في أنواع العنب. وما نُقل أنه ضربَ الحدَّ على قبرِه بعد وفاتِه، فغلطٌ.

٥٥٩٨ - قوله: (سبق محمد الباذق) ... إلخ، أي إن هذه الأسماء فشتْ بعده، ولم تكن في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإنما مهد لنا ضابطةً كلية، فخذوا منها أحكام الباذق، وغيرها.


(١) كما يدل عليه أثر عمر عند مالك في "موطئه في كتاب الأشربة: ص ٣٥٨" عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام، فشكى إليه أهل الشام وباءَ الأرض، وثقلها، وقالوا: لا يُصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: "اشربوا العسل"، فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن تجعلَ لنا من هذا الشراب شيئًا لا يُسكر؟ قال: "نعم"، فطبخوا حتى ذهب منه الثلثين، وبقي الثلاث، فأتوا به عمر، فأدخل فيه عمر إصبعه، ثم رفع يده، فتبعها، يتمطط (١) /تار جهور تى تهى/، فقال: "هذا الطلاء مثل طلاء الإِبل"، فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عُبادة بن الصامت: "أحللتها، والله، فقال عمر: كلا، وآلله، اللهم إني لا أحل شيئًا حرمته عليهم، ولا أحرم شيئًا أحللته لهم" اهـ.
وقول عُبادة، إما مبنيٌّ على ظنِّ أنه يبقى حرامًا بعد الطبخ أيضًا، أو أنَّ عمر لما رخص لهم في القليل منه، خاف تجاوزهم عن الحد، ووقوعهم في القدرِ الكثير أيضًا، فقال ما قال. ثم إن المطبوخ المذكور إن كان حلالًا مطلقًا لعدم الإِسكار فيه، فلا حجة لنا فيه، وإن كان الكثير منه مُسكرًا، فهو حُجة لنا في جواز الشرب من المثلث، بقدر ما لم يسكر. هكذا في بعض تذكرتي.
(٢) فقال الحافظ: والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف أعناب البلاد. فقد قال ابن حزم: إنه شَاهَدَ من العصيرِ ما إذا طُبخ إلى الثلث ينعقدَ، ولا يصير مسكرًا أصلًا، ومنه ما إذا طبخ إلى النصف كذلك، ومنه ما إذا طبخ إلى الربع كذلك، بل قال: إنه شَاهَد منه ما يصير رُبًا خائرًا لا يُسكر، ومنه ما لو طُبخ لا يبقى غير ربعه لا يخثر، ولا ينفك السكر عنه. قال: فوجب أنْ يُحمل ما ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أمر الطِّلاء، على ما لا يُسكر بعد الطبخ، وقد ثبت عن ابن عباس: "أن النارَ لا تُحلُّ شيئًا، ولا تحرمه"، أخرجه النسائي من طريق عنه، وقال: إنه يريد بذلك ما نقل عنه في الطِّلاء، وأخرج أيضًا من طريق طَاوس، قال: هو الذي يصيرُ مثل العسل، ويؤكل، ويصبُّ عليه الماء، فُيشرب اهـ: ص ٥١ - ج ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>