للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَبَذَهُ فَقَالَ «لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا». فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. أطرافه ٥٨٦٥، ٥٨٦٦، ٥٨٧٣، ٥٨٧٦، ٦٦٥١، ٧٢٩٨ - تحفة ٧٢٤٣

٥٨٦٨ - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّهُ رَأَى فِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اصْطَنَعُوا الْخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِقٍ وَلَبِسُوهَا، فَطَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمَهُ، فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَزِيَادٌ وَشُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَقَالَ ابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَرَى خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ. تحفة ١٥٥٤، ١٤٧٥، ١٤٨٤، ١٥٠٢

٥٨٦٨ - قوله: (فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلّم خاتمه)، وأخطأ الراوي ههنا، فذكر طرحَ خواتيمهم الفضة، مع أن الطرحَ كان لخواتيم الذهب. وإذا تبينَ لنا خطؤُه، فالتأويل (١) خلاف الواقع والحاصل: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان أولًا اتخذ خاتمًا من ذهب، فتبعه الناس في ذلك، فطرح الخاتم، ثم اتخذ خاتمًا من فضة، ولم يطرحه وعند مسلم: وفي يد رسول


(١) قال النووي تبعًا للقاضي عياض: هذا الحديث رواه عن الزهري جماعة من الثقات، لكن اتفق حفاظ الحديث على أن ابن شهاب وَهَمَ فيه، وغلط، لأن المعروف عند غيره من أهل الحديث أن الخاتم الذي طرحه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما هو خاتم الذهب، لا خاتم الوَرِق، وكذا نقل القسطلَّاني في "فتح الباري" عن أكثر أئمة الحديث أنَّ الزهريَ وَهَمَ فيه. قال: ومنهم من تَأوَّله، وأجاب عن هذا الوَهَم بأجوبة، أقربها ما اختاره الشيخ من أنه يُحتمل أنه اتخذَ خاتمَ الذهب للزينة، فلما تتابع الناس فيه، وافق تحريمه، فطرحه، ولذا قال: "لا ألبسه أبدًا"، كما سيأتي، وطرح الناس خواتيمهم تبعًا له.
وصرح بالنهي عن لبس خاتم الذهب، ثم احتج الى الخاتم، لأجل الختم به، فاتخذه من الفضة، ونقش عليه اسمه الكريم، فتبعه الناس أيضًا في ذلك. فرمى به حتى رمى الناس كلهم تلك الخواتيم المنقوشة على اسمه، لئلا تفوت مصلحة النقش بوقوع الاشتراك، فلما عدمت خواتيمهم برميها، رجع إلى خاتمه الخاص به، فصار يختم به، ويشير إلى ذلك قوله، في رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس عند البخاري: إنا اتخذنا خاتمًا، ونقشنا فيه نقشًا، فلا ينقش عليه أحد، فلعل بعض من لم يبلغه النهي. أو بعض من بلغه النهي ممن لم يرسخ في قلبه الإيمان من منافق ونحوه، اتخذوا، فنقشوا، فوقع ما وقع، ويكون نشأ له غضب ممن تشبه له في ذلك النقش، أهـ.
قلت: وفيه بعدُ، كما ترى، ولذا أعرض عنه الشيخ رحمه الله تعالى: ثم إن الملا علي القاري، ذكر له تأويلًا آخر من عند نفسه، ورآه حسنًا، إلا أني ما ذقتها كذوقِهِ، ولذا تركت ذكره وفي "شرح الشمائل" قال في "شرعة الإِسلام": التختم بالعقيق، والفضة، سنة. قال شارحه: ينبغي أن يُعلم أن التختم بالعقيقِ، قيل: حرام لكونه حجرًا، وهو المختارُ عند أبي حنيفة، وقل بجواز التختم بالعقيق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تختَّموا بالعقيق، فإنَّه مبارك، وليس بحجر"، كذا في "شرح الوقاية".
قلت: قال القاري في غير هذا الموضع: إنه خبرٌ ضعيف، وكذا ما روي أنَّ التختمَ بالياقوت الأصفر يمنع الطاعون، ثم في كلام شارح "شرعة الإِسلام": أن العبرة للحلقة لا للفص، حتى يجوز أن يكونَ الفصُّ من الحجر، والحلقة من الفضة، ولكنه لذي سلطان، أي ذي غلبة، وحكومة، مثل القضاة والسلاطين، فتركه لغير ذوي الحكومة أحبّ، لكونه زينة محضة، بخلاف الحكام، لأنهم يحتاجون إلى الختم في الأحكام. هذا ملخص ما ذكره القاري في "شرح الشمائل" ملتقطًا من المواضع، مع تلخيص، ذكرته ليكون على ذكر لبعض مسائل الخاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>