للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَرْفَعْهُ. وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تحفة ١٢٣٤٢، ١٢٨٠٢، ١٢٤٠٠ - ١٠٨/ ٨

وراجع معنى التفضيل من رسالة الشاه عبد العزيز في تفضيل الشيخين، فإنَّه قد كفى وشفى.

٦٤٠٨ - قوله: (فَيَحُقُّونَهُم بِأَجْنِحَتِهِمْ)، وفي الحديث: «أنَّهم يُحِيطُون بهم، كالهالة بالقمر، على شاكلة الدائرة».

واعلم (١) أن ذكرَ الله يُحْدِثُ دائرةً حول الذاكر، كما أنَّك تَقْذِفُ حجرًا في الماء، فترى الأمواجَ تتلاطمُ من حوله، تَمْتَدُّ بِقَدْرِ قوة الرامي، وضَعْفِها. فكما أن الماءَ يتحرَّكُ مدى الحركة، كذلك حالُ الأشياءِ التي تشملها دائرةُ الذكر، فإنَّها تصيرُ ذاكرةً.

ونُقِلَ عن الشعرانيِّ أنه جلس مرَّةً يَذْكُرُ الله، فرأى أن ما من شيءٍ حوله إِلَّا جَعَلَ يَذْكُرُ اللَّهَ، حتى إذا أَصْبَحَ رأى أن ذكرَه قد استغرقَ الأرضَ بضواحيها، ولم يبقَ شيءٌ إلَّا كان يُسَاعِدُه في الذكر. وهو معنى قول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «هُمُ القومُ، لا يَشْقَى جَليسُهُم»، فإنَّه بجلوسه بين الذاكرين صار مشمولًا بالذكر، والذاكرين، فكان معهم.

والسِّرُّ فيه: أن ذكرَ الله حياةٌ، فلا يَبْلُغَ شيئًا إلَّا يُحْدِثُ فيه حياةً، وحينئذٍ تَتَّسِعُ دائرةُ الذكر بِقَدْرِ اتساع صوت الذاكر، حتَّى تَصِيرَ الأشياءُ كلُّها حول الذاكر أحياءً ذاكرين.

وإن كنتَ قد ذُقْتَ حلاوةَ ما ألقينا عليكَ، تبيَّنت معنى تسبيح الجبال، والطير، مع داود عليه الصلاة والسلام، كما أخبر به القرآنُ. وهو أن داودَ عليه الصلاة والسلام لم يكن يَذْكُرُ ويُسَبِّحُ ربَّه، إلَّا جَعَلَ ما حوله من الجبال والطير يُسَبِّحُ معه، لدخوله في حلقة ذكره. وإذا كان نبيًا من الأنبياء عليهم السلام، كان ذكرُه أيضًا بِقَدْرِ مرتبته، فكانت الأشياءُ تتأثَّرُ منه، ما لا تتأثَّرُ بذكر أحد. ولمَّا أراد اللهُ سبحانه أن يُسْمِعَهُم من ذكرهم، أَسْمَعَهُم إعجازًا. وهو فعَّالٌ لِمَا يشاءُ، ويَحْكُمُ ما يريدُ.

٦٩ - باب قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

٦٤٠٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ أَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى عَقَبَةٍ - أَوْ قَالَ فِى ثَنِيَّةٍ، قَالَ - فَلَمَّا عَلَا عَلَيْهَا رَجُلٌ نَادَى فَرَفَعَ صَوْتَهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.


(١) قلتُ: وهذا ما أخرجه الترمذيُّ في الحج ص ١٠٢ عن سَهْل بن سعدٍ مرفوعًا: "ما من مسلمِ يلبِّي إلَّا لبَّى من عن يمينه وشماله: من حجرٍ، أو شجرٍ، أو مَدَرٍ، حتَّى تَنْقَطِعَ الأرضُ من ههنا وههنا" اهـ. ويمكن أن يكونَ ما رواه البخاري عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ في الأذان أيضًا نظيرَه. قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَسْمَعُ مدى صوت المؤذِّن جِنٌّ، ولا إِنْسٌ، ولا شيءٌ إلَّا شَهِدَ له يومَ القيامة". وروى مثله أبو داود، وابن ماجه، والنَّسائي، وأحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>