للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَرَدْتُ تَلْخِيصَهُ، فإنَّه حسنٌ كُلُّه، فأَحببتُ أَنْ آتِيه بِرُمَّتِه، فهذا نَصُهُ مِنْ كتابه «الجوهر النقي».

قال: ذَكَرَ فيه - عن الشافعي عن مالكٍ عن ابنِ أبي لَيْلَى عن سَهْلٍ أَنَّه أخبرَهُ هو، ورجالٌ مِنْ كُبَراء قومِهِ - وذَكَرَهُ مِنْ طريقِ ابن بُكَيْر عن مالكٍ، ولفظُهُ: أَنَّه أخبرَهُ رجلٌ من كُبَراءِ قومِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ: أَنَّ ابْن وَهْب قاله عن مالكٍ: كروايةِ الشافعي؛ قلتُ: ذَكَرَهُ يَحيىَ بنُ يحيى عن مالكٍ، كرِواية ابن بُكَيْر، ولفظُهُ أَنَّه أخبرَهُ رجالٌ مِنْ كُبَراءِ قومِهِ، وذَكَرَ صاحبُ «التمهيدِ» أَنَّ ابنَ وَهْبٍ تابَعَ يَحيَى على ذلك، بخلافِ ما ذَكَرَهُ البَيْهَقي عن ابن وهب، ثم ذَكَرَ البيهقيُّ حدِيثَ سَهْلٍ مِنْ طُرُقٍ، وفيها البداءةُ بأيمانِ المُدَّعِين، ثُمَّ قال: ورَو اهُ ابنُ عُيَيْنَةَ عن يَحْيَى، فَخَالَفَ الجماعةَ في لفْظِهِ، ثمَّ أَسْنَدَهُ مِنْ رِوَايةِ الحُميدي عن ابنِ عُيَيْنَةَ، وفيهِ البِدَاءةُ بأَيمانِ المُدَّعَى عليهم، وهُم اليهودُ.

قلتُ: رَوَيْنَاهُ في - مُسْنَد الحُمَيْدِي - عن ابنِ عُيَيْنَة، فبدأَ بأَيمان المدَّعِين، موافقًا للجماعةِ، وكَذَا أخرجَهُ النَّسائي عن محمد بن منصور عن ابنِ عُيَيْنَة، ثُمَّ ذَكَر البيهقيُّ حديثُ سعيدِ بنِ عُبيد عن بَشِير بن يَسَار عن سَهْلٍ، وفيه: أَنَّه عليه الصلاة والسَّلام، قال لهم: «تَأْتُونَ بالبينةِ على مَنْ قَتَلَ؟ قالوا: ما لنا بيِّنةٌ، قال: فيحلفُونَ لكم ... الحديثَ، ثم قال: رواه البُخاري. وأَخْرَجَهُ مُسلمٌ دون سِيَاقِ مَتْنِهِ، ثُمَّ ذَكَر عن مسلمٍ: أَنَّ يحيى بنَ سعيد أَحْفَظُ من سعيد بنِ عُبيد، ثم قال البَيهقيُّ: وإِنْ صَحَّتْ روايةُ سعيد، فهي لا تُخَالفُ رِوَايةَ يحيَى، لأنَّه قد يُرِيدُ بالبينةِ الأَيمان مع اللوث، إلى آخر ما تَأَوَّلَهُ به.

قلتُ: لا وجه لتشكيك البيهقي بقوله: وإنْ صَحَّتْ رِوايةُ سعيد، مع بقيتِهِ، وإخْراج البخاري حديثَهُ هذا، وأَخْرَجَهُ مسلِمٌ أيضًا، ولم يَشُكْ في صحته، وإِنَّما رَجَّح يحيَى على سعيد، وقد جَاءَتْ أَحَاديثٌ تُعضِّدُ روايةَ سعيد، وتقويها: منها ما سيذْكُرُه البيهقيُّ، ومنها ما أَخْرَجَهُ أبو داود بسندٍ حسن عن رَافِع بنِ خَدِيج، قال: «أَصْبَحَ رجلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مَقْتُولًا بخَيْبَر، فانْطَلَق أَوْلِيَاؤُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فَذَكَرُوا ذلك له، فقال: أَلكُم شاهدان يَشْهَدَان على قَاتِل صاحِبِكُم؟ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ لم يَكُن بهِ أَحَدٌ مِنَ المُسلمين، وإنَّما هم يهود، وقد يَجْتَرِءُونَ على أَعْظَمَ من هذا، قال: فاختارُوا منهم خمسينَ، فأسْتَحْلَفَهُم، فَأَبوا، فَوَدَاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم مِنْ عندِه». وقد ذَكَر البيهقيُّ هذا الحديث بعدُ في بابِ الشَّهادةِ على الجِنَاية.

ورَوَىَ ابنُ أبي شَيْبَةَ بسندٍ صحيحٍ عن القَاسِم بنِ عبدِ الرَّحمنِ الهُذَلي الكُوفي، قال: «انطلقَ رَجُلانِ مِنْ أَهْلِ الكُوفةِ إلى عمرَ بنِ الخَطَّاب، فوجَدَاهُ قد صَدَرَ عن البيتِ، فقالا: إنَّ ابنَ عمَ لنا قُتِلَ، ونحن إليه شَرَعٌ سِواءٌ في الدَّم، وهو ساكتٌ عنهما، فقال: شاهدان ذوا عَدْلٍ، يَحُثَّان به على مَنْ قَتَلَهُ، فَنُقِيدَكم منه». وهذا هو الذي تَشْهدُ له

<<  <  ج: ص:  >  >>