للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

٩٠ - كتاب الإِكْرَاه

وقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: ١٠٦].

وَقَالَ: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: ٢٨]، وَهيَ تَقِيَّةٌ. وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: ٩٧ - ٩٩] {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: ٧٥] فَعَذَرَ اللهُ المسْتَضْعَفِينَ الذِينَ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، وَالمُكْرَهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مُسْتَضْعَفًا، غَيرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ. وَقَالَ الحَسَنُ: التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ يُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ فَيُطَلِّقُ: لَيسَ بِشَيءٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيرِ وَالشَّعْبِيُّ وَالحَسَنُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «الأعْمَالُ بِالنِّيَّةِ».

٦٩٤٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلَالٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو فِى الصَّلَاةِ «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ». أطرافه ٧٩٧، ٨٠٤، ١٠٠٦، ٢٩٣٢، ٣٣٨٦، ٤٥٦٠، ٤٥٩٨، ٦٢٠٠، ٦٣٩٣ تحفة ١٥٣٥٠

واعلم أَنَّ الإِمامَ البُخاري شدَّدَ الكلامَ في هذا البابِ على الإِمام أبي حنيفةَ النُّعمان، وكذا في كتابِ الحِيَل، ووجْهُ ذلك: أَنَّ البخاريَّ لم يَتَعَلَّم فِقْهَ الحنفيةِ حقَّ التَّعَلُّم، وإِنْ نُقِلَ عنهُ أَنَّه رَأَىَ فِقْهَ الحنفية، لكن ما يَتَرَشَّح مِنْ كِتَابِهِ هو أنه لم يُحَقِّقْ فُقْهَنا، ولم يَبْلُغْهُ إلا شَذَرَاتٍ منه، وهذا الذي دَعاهُ إلى ما أَتَى عليه في هذا الباب، ولو دَرَىَ ما الإِكراهُ في فُقْهِنَا لَمَا أَوْرَدَ علينا شيئًا.

وجملةُ الكلامِ فيه، أَنَّ الإِكْرَاهَ عندنا لا يَتُمُّ إلا بتَهْدِيدِ إيقَاعِ الفِعْلِ المُهَدَّدِ به على ذاته، أو أَطْرَافِهِ، أو القَرِيبِ مِنْ أَقَارِبِهِ، فإِنَّ سَابَّهُ أو هَدَّدَهُ بإِيقاعِ الفَعْلِ على غَيْرِهِ، لا يكونُ مَكْرَهًا، فإِنْ قال لهُ: اشرَبِ الخَمْرَ وإلا أَقْتُلُ زيدًا، لا يكون مكرهًا، وإِنْ وَجَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>