للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن، اكشفي عن فخذيكِ، فكشفتُ فخذيّ، فوضع خَدَّه وصدره على فخذي وحَنَيْتُ عليه حتى دفىء ونام». فإسناده ضعيف على أنَّ المراد من الكشف هو الكشف عن الثوب الزائد، ولا يتعين في الكشف عن البدن، وبه أجاب النبي صلى الله عليه وسلّم سائلًا حين سأله عما يَحِلّ له من زوجته فقال: «لك ما فوق الإزار». رواه ابن ماجه بإسناد حسن. وهو الأحوط، وهو غير خفي.

أما قوله: «اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح» عند مسلم فيخصَّص عمومه لهذه الأدلة، ويبقى شيوعُه فيما سوى تحت الإزار، لأن عموم الكل في هذا الموضع عموم غير مقصود، والعموم إذا كان غير مقصود فهو ضعيف جدًا كالعموم في قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَىْء} [النمل: ٢٣] مع أنها لم تكن أُوتِيَتْ من شيء واحد كله، فكيف بكل شيء، أو يقال: إنه كناية عن الاستمتاع بما تحت الإزار، وإن كان صريحًا في النكاح (١).

٧ - باب تَرْكِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ

٣٠٤ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِى زَيْدٌ - هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ - عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَضْحًى - أَوْ فِطْرٍ - إِلَى الْمُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّى أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ». فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ». قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ». قُلْنَ بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ». قُلْنَ بَلَى. قَالَ «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا». أطرافه ١٤٦٢، ١٩٥١، ٢٦٥٨ - تحفة ٤٢٧١

وفيه خلاف الخوارج، وليس عِدَادهم في أهل السنة لِيُعْتَدَّ بخلافهم، ونُقِل في الحكايات أن حواء عليها السلام أُمِرَتْ أن لا تصلَى في أيام حيضها، فقاستِ الصومَ عليها، فعُوتبت وأُوجب عليها قضاؤه. ولم أره روايةً، نعم رأيت أنها إذ دَمِيَتْ بعد نزولها في الدنيا سألتْ آدم عليه السلام عنه، فأُوحي إليه أنه عتاب. وعندي هذا العتاب مخصوص بهذه الدار مَن ينزل فيها


(١) قلت: قد علمت من نظر الشيخ رحمه الله تعالى في إقامة المراتب مرارًا، فيمكن أن يقال: إنه يتَّقي عن موضع الدم وعما تحت الإزار كليهما، إلّا أن الأمر بالاتقاء عن موضع الطَّمْث أوكد، وهذا كالفرق بين مباشرتهن في فوح حيضتهن وبعده، كما عند أبي داود: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا في فوح حيضتنا أن نَتَّزر ثم يباشرنا"، وكما عنده عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "إذا أصابها في أول الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار"، فهذه الفروق كلها تبنى على إقامة المراتب، وحينئذٍ ما نُقِل من التوسيع في أمر الحائض كله يُحمل على أنه كان عند عدم الفوران. والحاصل أن الاتقاء عن موضع الطَّمْث أوكد مع أن المطلوب الاتقاء عما تحت الإزار أيضًا، ثم هذا الاتقاء في فوح الحيض أوكد، وفي آخره أخف، وبه تجتمع الأحاديث كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>