للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُعَاتَب هذا العتاب، ويُبتلى به، ومن يتركها مهاجرًا إلى الله ويصعد إلى مأواه يخلص منه، كما أن آدم عليه السلام حين أكل الحَبَّة وأحس بحاجة الغائط نُودي أن اهبط منها، فإنها ليست بموضع الألواث، واذهب إلى مكان فيه ذلك. ولم يكن يعلم قبلَه عورتَه، فاطلع عليها بعده، وأشا القرآن إليهما. ثم الفرق بين قضاء الصلوات والصيام كما هو مذكور في «الهداية».

واعلم أنَّ الطهارةَ شرط للصلاة عند عامتهم، وكذا صرحوا في الحج أن الطهارة في المناسك واجبة في بعضها وسنة في بعضها، كسَتْرِ العورة، فإنه وإن كان فرضًا في الخارج وفي عامة الأحوال إلا أنه من شرائط الصلاة وواجبات الحج، فاتفقوا في اعتبار الطهارة في العبادتين.

قلت: وقد تبين لي أنها معتبرَة في الصيام أيضًا، ولم يُنَبِّه عليه أحد، فالعبادات كلها لا تتكامل إلا بالطهارة، ومن أدخل فيها نقيصةً انتقصت عبادته، وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم في الجُنُب «لا صوم له» (١)، وفي المُحْتَجِم: «أفطر الحاجم والمحجوم». ثم لا يخفى عليك أن هذه النقيصة في النظر المعنوي دون نظر الفقيه، فإنه يقتصر على أحكام الدنيا كالغِيبة في الصوم، فإنه إفطار معنًى، لأنها أكل اللحم معنى، وإن لم يكن حسبًا. والحاصل: أنَّ الحدثَ كما ينافي الصلاة كذلك ينافي الصيام أيضًا، وإن كان فرقٌ بين جهتي المنافاة.

٨ - باب تَقْضِى الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَاّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا. وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ. وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الْحُيَّضُ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِى أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ)». الآيَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ حَاضَتْ عَائِشَةُ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَا تُصَلِّى. وَقَالَ الْحَكَمُ إِنِّى لأَذْبَحُ وَأَنَا جُنُبٌ. وَقَالَ اللَّهُ (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ). تحفة ٢٤٤٨، ٤٨٥٠ - ٨٤/ ١

٣٠٥ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَا نَذْكُرُ إِلَاّ الْحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ «مَا يُبْكِيكِ».


(١) قالوا: إن لغة العرب كانت تسعمائة ألف، دُوِّن منها ثلاثمائة ألف، وأما اليوم فلا يوجد منها أيضًا إلّا ثمانون ألفًا (٠٠٠, ٨٠) ثلاثون ألفًا في "صحاح الجوهري" وعشرون ألفًا سواها في "القاموس"، فصارت خمسون ألفًا، ثم في "لسان العرب" ثلاثون ألفًا أخرى، فصار المجموع ثمانين ألفًا. ورأيت في مقولة الأصمعي أن ثلاثة أشياء جاءت من اليمن: الوَرْس، والعُصْفُر، والعَصْبُ. فدل على كونه مجلوبًا من اليمن، مع أنه على معناه المشهور يوجد في البلاد ههنا أيضًا. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز.

<<  <  ج: ص:  >  >>