للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فما نسب الترمدي إليهما ليس بصحيح، وكذا عُلم منه أنَّ الملامسة عنده محمولةٌ على الجِماع وإلا لم ترد عليه الآية أصلًا، ولقال: إنَّ التيمم في الآية ليس من الجنابة، بل من مسّ المرأة فتقديره على أنَّ الآية وردت في حكم التيمم من الجنابة دليلٌ على أنَّ الملامسة عنده هي الجِماع، لا كما نسب إليه أبو عمر فهو أيضًا مَحَلُّ تَرَدُّد.

واعلم أنَّه قد وقعت أغلاطٌ كثيرة في نقل مذاهب الصحابة رضي الله عنهم، لأنها غيرُ مخدومة، وليس جميعها متوارثة بالعمل، فأخذوها من مقولتهم فقط. ومعلوم أنه لا يحصل شيءٌ من النقل فقط، وإنما يُفهم الشيء بعد الممارسة، ولا تكون إلا بعد العمل بها كما رأيت ههنا، فنسبوا إنكار التيمم إلى ابن مسعود رضي الله عنه مشيًا على اللفظ فقط، وهو قوله: «لا يصلي حتى يجد الماءِ»، مع أنك إذا حققت الأمر استبنت أنه لا يُنكِره أصلًا. ثم إذا نُسب إليه الإِنكار من الجنابة فُرِّع عليه أنَّ الملامسة عنده في معنى مسِّ المرأة. هذه كما ترى كلُّها تفريعاتٌ على لفظه فقط، وقد كشفنا لك وجهه، وهذا هو وجه اختلافهم في حجية الوِجادة عندي، لأنها أخذٌ من الكتاب، ومعلوم أن الكتاب ليس كالخطاب، ولذا أقول، إِنه لو أقام بحقه ومارسه حتى أدركه بما فيه، كان حجة قطعًا.

٨ - باب التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ

٣٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَجْنَبَ، فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّى فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِى سُورَةِ الْمَائِدَةِ (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِى هَذَا لأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِى الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا». فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ وَزَادَ يَعْلَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِى مُوسَى فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَنِى أَنَا وَأَنْتَ فَأَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ بِالصَّعِيدِ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا». وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً أطرافه ٣٣٨، ٣٣٩، ٣٤٠، ٣٤١، ٣٤٢، ٣٤٣، ٣٤٥، ٣٤٦ - تحفة ١٠٣٦٠، ٩٢٤٧

[٩ - باب]

٣٤٨ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِى رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً مُعْتَزِلاً لَمْ يُصَلِّ فِى

<<  <  ج: ص:  >  >>