للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: وهذا غير كائنٍ، فإنّه أُلقِيَ عليه النومُ في ليلة التَّعْرِيس، وأُلقي عليه النسيان حتى قام للصلاة وهو جنبٌ، ثم تذكَّر قبل التحريمة. وقد مر بحثه. وأُقيم موسى عليه السلام بين قومه عُريانًا. قال المتكلمون: إن ما يعدُّونَه خلافَ المروءةِ لا يجوز وقوعهُ على الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام.

قلتُ: كشف الفخذِ لو كان وقعَ لم يكن خلافًا للمروةِ عند العرب أصلا، كما عُرِفَ من حالهم في التعري، حتى في الطواف أيضًا، والسر فيه أن وقوع هذه الأشياء مرةً أو مرتين في مُدة عُمْره لأجلِ مصلحةٍ لا يعدُّ شَيْئَا، وإنما يعدُّ خلافُ المروءة إذا تكرر وقوعُها وتساهَلَ فيها صاحبُها.

قوله: (بساحة) آنكن يعني مكانون كي سامنى.

قوله: (والخميس) سُمِّيَ به لأنه يشتملُ على مقدمة، وسَاقَةٍ، وقلبٍ، وجناحان.

قوله: (عَنوة) أي قهرًا. وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إن مكة فُتحت صُلحًا. وكنتُ متحيِّرًا في أنه إذا عدَّ هذا الفتح صُلحًا مع هذه الحروب والضروب، فما الفتحُ عَنوة عنده؟ وتشوشَ فيه الحافظ رحمه الله تعالى أيضًا، ثم تبين لي أنه اعتبره صُلحًا، لأنهم التجأوا إليه آخرًا، فأولُ أمرِهم وإن كان القِتالُ، لكنهم إذا صالحوا آخرًا، وكَفَّ عنهم القتالُ عُدَّ الفتحُ صلحًا. وبوب عليه الطحاوي.

قوله: (فجمع السبي) من النِّسْوان والصبيان، لأن العربَ لا يُسترقُّ رِجَالُهم، وليس فيهم إلا الإسلام أو السيفُ عندنا، ثم إن أهلَ خيبر كانوا يهودًا.

قوله: (خذ جارية) وعند مسلم: «أن النبي صلى الله عليه وسلّم اشترى صفيةَ منه بسبعة أرؤس»، وفي النقول أنه أعطاه ستة. ثم إني علقت تذكرةً مستقلةً على أن جملةَ أنكحةِ النبي صلى الله عليه وسلّم كانت من أسبابٍ سماوية، وصفيةُ هذه قد كانت رأت رؤيا: أن البدر نَزَلَ في حِجْرِهَا، فقصَّتْها على زَوْجِهَا فلطمها، وقال: أتريد أن تنكحي بهذا الرجل؟ يريدُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فكان كما رأته.

قوله: (أعتقها وتزوجها) وقد ذهب بعضُ أهلِ العلم: إلى أن الإِعْتَاقَ بشرطِ التزوُّجِ لا يحتاجُ إلى إيجابٍ وقَبُول مستأنف. وهذا اللفظُ يدل على أن التزوجَ أيضًا لا بد منه، ولا ينوبُ نفسُ الإِعتاقِ مَنَا به.

قوله: (مال نفسها) وهذا بيان للمآل، يعني لما أعتقها النبي صلى الله عليه وسلّم وأسقطت هي مهرَها عنه، لم يبقَ المهرُ إلا نفسُها، فإِنه لم يكن هناك إيفاءٌ واستيفاء لسقوط المهر، وكانت نفسُها هي التي استوفاها. فهذا نحو تعبير عُرفي، لا مسألة فقهية، وأظن أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعتقها وتزوجها تحصيلا للأجر مرتين، على الحديث الذي مر في كتاب العلم، وسيجيء الكلام عليه. ثم إنهم اختلفوا: في أنه إذا كان أعطاها، فهذا الأخذُ كان شراءً منه، أو استردادًا في الهبة. ومالَ الحافظُ رحمه الله تعالى إلى الثاني، وأوَّلَ في لفظ مسلم: «اشترى صفية» وحمله على المجاز.

قوله: (عروسًا) مفعول يُطلقُ على المذكر والمؤنث.

<<  <  ج: ص:  >  >>