للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما دَامَ في مصر، وكَتَبَ ابنُ خَلِّكَان: إنِّي رَأَيْتُ في بعضِ المُبيَّضَات: أنَّهُ كان حنفيًا وَرَحَل مِنْ مِصْرَ إلى مكة، ثمَّ إلى المدينة، ثمَّ إلى العراق، لمجردِ تَحْصِيلِ العِلْم، وَلَعَلَّهُ لقيَ أبا يُوسف رحمه الله تعالى هناك فَرَوَى عنه، وأَخْرَجَ الطَّحَاوي رِوَايتَه عن أبي يوسف، في بابِ رَفْعِ اليدينِ، وليست تلك الرِّوَاية إلا عند أَهْلِ الكوفة، وصَنَّفَ الحافظُ رحمه الله تعالى، في مناقبه رسالة سمَّاها «الرحمةُ الغيثيةُ في ترجمةِ الليثيةِ»، وكَتَبَ الذهبي رسالةً مستقلةً في مناقب الإِمام أبي حنيفة، وصاحبيه رحمهم الله تعالى.

٢٨ - باب فَضْلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ القبلة

قَالَه أَبُو حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -.

٣٩١ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَهْدِىِّ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِى لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِى ذِمَّتِهِ». طرفاه ٣٩٢، ٣٩٣ - تحفة ١٦٢٠

٣٩٢ - حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَاّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». طرفاه ٣٩١، ٣٩٣ - تحفة ٧٠٦ - ١٠٩/ ١

قوله: (يَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ القِبْلَة). إنْ كان الغرضُ مِنْ ذِكْرِهِ التَفْصِيْلُ في الأَعضاءِ التي تَجِبُ الاستقبالُ بها، فهو مِنْ شَرَائِطِ الصلاةِ، وإلا فهو مِنْ صِفَةِ الصلاةِ. وفي «الكبير» من لَمْ يَسْتَقْبِلْ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ فَصَلاتُهُ بَاطِلَة.

قلتُ: بل تكون مكروهة لا باطلة.

٣٩١ - قوله: (مَنْ صَلَّى صلاتَنَا). وأُخِذَ مِنْ نحوِ هذه الأحاديث، لَقَبُ أَهْلِ القِبْلة، لأهلِ الإِسلام.

وَوَجْهُهُ: أَنَّ هذه الأمور، أَمَارَاتٌ جَلِيَّةٌ يَحْصُلُ بِهَا التَّمايُزُ بين الإسلامِ وبَيْنَ سائرِ الأديان، فإنهم يَتَنزهون عن أَكْلِ ذَبِيحتِنَا، ولا يُصَلُّون صلاتنا، ولا يَسْتَقْبلون قبلتَنا، فصارت تلك كالشِّعارِ لأهل الإِسْلامِ، لا أَنه مَنْ تُوجد فيه تلك الأمور يُحكم عليه بالإِسلام، وإن أنكر سائر الدين ومرق منه مُرُوقَ السهم من الرَّمِّية.

ولا أرَى أَنَّك شاكٌّ في تكفيرِ من فعل جميع ذلك، ثم أنكر بكون أصغرِ سورةٍ من القرآن قرآنًا، فكيف بِمَنِ ادّعى النبوة، وَأَهَانَ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام، وسبهم سبَّا يقشعر منه الجلود، وحَرَّفَ الدِّينَ كُلَّهُ، واشترى به ثمنًا قليلا، واستهزأ بالأحاديث، وأخبار الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام ومعجزاتهم، إلى غير ذلك من موجباتِ الكُفْرِ التي لو تحققت واحدة منها في

<<  <  ج: ص:  >  >>