للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيها كُلَّ التَّوسِيع، فَأَثْبَتَ القِسْمَةَ، وَكَرِهَ فقهاؤُنا الكلامَ والطعامَ في المسجد فلعلهم لا يحبون القِسْمة فيه أيضًا.

قوله: (وتعليقِ القِنْو) ولم يُخَرِّج له حديثًا، وهو ثابت في الخارج عند الطحاوي وغيره، وكان هذا على عادةِ العربِ أنهم كانوا يُعَلِّقون الأَقْنَاءَ، فَإِذَا نَضِجَتْ قَسَّمُوها على أصحابِ الصُّفَّة، ثمَّ إنْ كان عُشرًا أو صدقة غيره، فسيجيء البحث فيه في كتاب الزكاةِ بِقَدْرِ الضرورة.

قوله: (والاثنان قِنْوَان) يعني أنَّه تثنيةٌ وجمعٌ، والفَرْقُ أَنَّه بالتَّنْوِينِ جمعٌ، وبكسر النون تثنية.

٤٢١ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ «انْثُرُوهُ فِى الْمَسْجِدِ». وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِىَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلَاّ أَعْطَاهُ، إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِى فَإِنِّى فَادَيْتُ نَفْسِى وَفَادَيْتُ عَقِيلاً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خُذْ». فَحَثَا فِى ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعُهُ إِلَىَّ. قَالَ «لَا». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لَا». فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَىَّ. قَالَ «لَا». قَالَ فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ. قَالَ «لَا». فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِىَ عَلَيْنَا، عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. طرفاه ٣٠٤٩، ٣١٦٥ - تحفة ٩٨٩ - ١١٥/ ١

٤٢١ - قوله: (وقال إبراهيم) .. إلخ وإنَّما لأنَّ في إبراهيم لينًا ولِعَدم الاتصالِ أيضًا.

قلتُ: وما أخرجَ المصنِّف رحمه الله تعالى مِنَ الأحاديث في إثباتِ أفعال غير الصَّلاةِ في المسجد كلُّها واردة على الوقائع على سبيلِ القِلَّة، ولعلَّ الفقهاء أيضًا لا يُنْكِرُونها، وإنَّما الكراهةُ فيما إِذَا اعتادَ بها، أَمَّا إذا كانتْ مرةً أو مرتين فهي جائزةٌ عِنْدَهم أيضًا، فإِنْ أَرَاد المصنِّف رحمه الله تعالى مِنْ هذه الترَاجِم ثبوتَ هذه الأفعالِ فقط فهو مُسَلَّم ولا يخالف الفقهاء. وإِنْ أراد به التوسيع في أحكامِ المَسَاجِد فلا يَثْبت مُدَّعَاهُ مِنْ هذه الأحاديث، لأَنَّك قد عَلِمتَ أَنَّها لا تَدُلِ على أنَّ المَسَاجِدَ كانت تُفْعل فيها هذه الأفعال كأنَّها مهيأة لها، وإذا كان المستحبُّ في النَّوافِلِ أَنْ تُصلَّى في البيوتِ فما بالُ هذه، وسيجيءُ في هذه الأبوابِ ما هو أفيد منه.

حكاية مَرَّ سفيانُ الثَّوْرِيّ على أبي حنيفة رضي الله عنه وهو يُدَرِّس رافعًا صوتَهُ فَأَنْكَرَ عليه فاعتذرَ منه أَنَّهم لا يَفْهَمُون بِدُونِهِ.

(حكاية) مر سفيان الثوري على أبي حنيفة رضي الله عنه وهو يدرس رافعًا صوته فأنكر عليه فاعتذر منه أنهم لا يفهمون بدونه.

والقضاءُ جائزٌ عندنا في المسجد لأنَّه عبادة، ومنعه الشافعية. واختلفوا في التدريس، فقال الحنفية: إن كان بدون الأجرة جازَ وإلا فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>