للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١ - باب أَذَانِ الأَعْمَى إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ

٦١٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». ثُمَّ قَالَ وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لَا يُنَادِى حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. أطرافه ٦٢٠، ٦٢٣، ١٩١٨، ٢٦٥٦، ٧٢٤٨ - تحفة ٦٩١٧

وفي «المحيط»: أنه مكروهٌ، والمختار ألا بأس به إذا كان عنده من يُخْبِره بالوقت، وبه حَصَل الجمع أيضًا.

٦١٧ - قوله: (إن بلالًا يؤذِّنُ بليلٍ) ... إلخ، وفيه مباحث: الأول: هي يُشْرَع تكرار الأذان لصلاةٍ واحدةٍ أو لا؟ فقال الشافعيةُ: إنه جائزٌ مطلقًا، ويُسْتَفَاد من كتاب «الأم» للشافعيِّ رحمه الله تعالى: أن فيه تفصيلا من نحو كونه عند الحاجة، وكونه في أمكنةٍ متعدِّدةٍ، وكون المؤذِّن متعدِّدًا (١) ثم صَرَّح فيه بجواز التكرار إلى أربعة. وقال النوويُّ: يُسْتَحَبُّ أن لا يُزَاد على أربعةٍ إلا لحاجةٍ ظاهرةٍ، وهذا يَدُلُّ على جواز الزيادة على الأربعة أيضًا، وهذا التكرار عندهم إعلامٌ بعد إعلامٍ حتى جوَّزوه في الصلوات الخمس لا إعادة. ولعلَّ زيادة عثمان رضي الله عنه النداء الثالث أيضًا تحت هذه الضابطة، لأنه لمَّا رَأَى أن الشرعَ وَرَدَ بتكرار الأذان في الفجر، لكونه وقت الغَفْوَة والغَفْلَة، زاده في الجمعة أيضًا لظهور الاحتياج فيه إلى مزيد إعلامٍ (٢).

والحنفية أيضًا أبَاحُوا أذان الجَوْق، إلا أن أذان الجَوْق يكونُ في وقتٍ واحدٍ، والتكرارُ عندهم يكون بطريقِ التعقيب، بل يُسْتَحَبُّ أن يترتَّبُوا فيه إذا اتسع الوقت.

قلت: وقد تمسَّك لأذان الجَوْق بما أخرجه مالك في «الموطأ» في باب ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يَخْطُب: «فإذا خَرَجَ عمر، وجَلَسَ على المنبر، وأذَّن المؤذِّنون، وقال ثَعْلَبة: جَلَسْنَا نتحدَّث، فإذا سَكَتَ المؤذِّنون، وقام عمر يَخْطُب، أنصتنا فلم يتكلَّم منا أحدٌ». اهـ.


(١) قلتُ: قال الخطَّابي في "معالم السنن": ذهب بعضُ أصحاب الحديث إلى أن ذلك جائزٌ إذا كان للمسجد مؤذِّنَان، كما كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأمَّا إذا لم يؤذِّن فيه إلَّا واحدٌ، فإنه لا يجوز أن يفعله إلَّا بعد دخول الوقت، فيحتمل على هذا أنه لم يكن لمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الوقت الذي نهى فيه بلالا إلا مؤذِّن واحد، وهو بلال.
ثم أجَازَه حين أقام ابن أم مكتوم مؤذِّنًا، لأن الحديث في تأذين بلال رضي الله عنه قبل الفجر ثابت من رواية ابن عمر رضي الله عنه. اهـ.
قلتُ: وإنما أتيتُ بهذا النقل لما زعمت فيه ندرة، ولأن أوله يُفِيدُنا شيئًا، فتفكَّر.
(٢) قلتُ: والتثويب أيضًا لهذا المعنى، فمن نَظَرَ إلى كفاية الاعلام الأول كَرِهَهُ وعدَّه بدعة، ومن نَظَرَ إلى تهاون الناس، ولم يَرَ في الاعلام الأول كفاية أجاز به، كالمتأخّرين. وإنما ذكرتُ التثويبَ لاشتراكه في الأذان في كونه إعلامًا، وإلَّا فمسألة تعدُّد الأذان مسألةٌ أخرى اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>