للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَقَدَّمَ وَهْوَ جُنُبٌ ثُمَّ قَالَ «عَلَى مَكَانِكُمْ». فَرَجَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ. طرفاه ٢٧٥، ٦٣٩ - تحفة ١٥٢٠٠

وفي «المِشكاة: «إن أبا هُرَيْرَة رضي الله عنه رَأَى رجلا خَرَجَ من المسجد بعد الأذان، فقال: أمَّا هذا، فقد عَصَى أبا القاسم صلى الله عليه وسلّم - بالمعنى - وأشار المصنِّف إلى الرخصة لذي الحاجة. وفي «البحر»: أنه يَجُوزُ لمن كان يُرِيْدُ العَوْدَ، أو كان ينتظم به أمرُ الجماعة. وهذا الذي كنتُ نَبَّهْتُك عليه: أن العمومَ قد يخصَّصُ بالرأي أيضًا، ولو ابتداءً، لأنه لمَّا وَجَدُوا الوجهَ فيه جَلِيًّا، خَصَّصُوه بالرأي (١).

٦٣٩ - قوله: (خرج إلينا يَنْطُفُ رأسُه ماءً). وقد مرَّ منا أنها واقعةٌ واحدة، وأن النبي صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ فيها قبل أن يُكَبِّرَ، وأنه يَدُلُّ على جواز خروج الجُبُبِ من المسجد بدون طهارة كما في فِقْهِنَا، أو محمولٌ على أنه كان خاصةً له. ثم لمَّا كانت المساجدُ بيوتَ الأنبياء ومأواهم، حتى جَازَ لهم الدُّخُول والمُرُور فيها جُنُبًا، قُدِّرَ أن يَعْتَرِضَ عليه مثل هذه العوارض مرةً لِيُعْرَفَ منه ذلك. وههنا حاشية من المصنِّف رحمه الله تعالى في بعض النُّسَخ تَدُلُّ على مُضِيِّ تحريمته، وأنه يَجِبُ على القوم أن لا يَجْلِسُوا إن كانت التحريمةُ سَبَقَت.

قلتُ: ولو سلَّمنا أن المسألةَ كانت هذه، فقد مرَّ مني عن أبي داود: أن بعضهم جَلَسُوا في تلك الواقعة، فالتزامُ سبق التحريمة مع جلوس القوم مُشْكِلٌ عنده، وقد مرَّ أيضًا: أن مسائلَ القدوة أوسعُ عنده من الكل.

[مسألة]

في كُتُب الحنفية: أن قيامَ الصبيان في خلال الصفوف مكروهٌ، ولا أدري ماذا كان السلف يفعلونه، فإن الصبيان كانوا يَحْضُرُون الجماعات في زمنهم أيضًا.

٢٦ - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا

٦٤١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّىَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَفْطَرَ


(١) يقول العبدُ الضعيفُ: ونظيره ما عند الترمذي، عن عليّ رضي الله عنه: "أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أمره بضرب الحدِّ على أمةٍ له، فَوَجَدَهَا في النفاس، فانصرف عنها ولم يَحُدَّها، واستحسنه النبي - صلى الله عليه وسلم -"، مع أنه خَالَفَ أمره. وهذا لكون الوجه فيه جَليًّا، بل لو امتثل أمره ربما أمكن أن يُعَنَفَ عليه. وهكذا فعَلَه المجتهدون حين وَجَدُوا الوجهَ، وأدركوا العلَّةَ، فهم مأجورون إن شاء الله تعالى. وإن كان يَزْعُمُهُ من لا بصيرة له عملًا بالرأي، ويسمِّيه قياسًا، ألا تَرَى إلى عمر رضي الله عنه كيف رَدَّ أبا هريرة رضي الله عنه على عَقِيبه حين رآه يُعْلِنُ بقوله: من قال لا إله إلا الله دَخَلَ الجنَّةَ، مع أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان أمره بذلك، حتى سألَه النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، فلم يَتْرُكْهُ حتى مَنَعَهُ، فرضي به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أيضًا، وهذا لانجلاء الوجه وفَهْمِه غرض الشارع لا غير، فربما رأى عين الامتثال، فليفهمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>