للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن الفعلية، فلا قصر فيها عندي، لأنه إذا لم يكن القصر في الأصل، كيف يكون في الفرعِ المعدولِ؟ ومر الزمخشري رحمه الله تعالى على قولهم: «السلام عليكم» وتفطَّنَ أنه ينبغي أن يفيدَ القصر، ثم لم يكتب فيه شيئًا شافيًا، وكذا مر على قوله تعالى: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ} [مريم: ٣٣] واختار أن اللام فيه للعهد. قلت: ولا يعلق بقلبي، فالجواب عندي: أن السلامَ عليكم معدولٌ عن جملة فعلية، أو كانت في الأصل: سلَّمتُ سلامًا، فلا تفيد القصر على ما بينا، فإن قلتَ فحينئذٍ ينبغي أن لا يكون جملة الحمد لله أيضًا مفيدًا للقصر، لأنها أيضًا معدُولةٌ عن الفعلية، قلت: ما الدليل عليه؟ لم لا يجوز أن تكونَ إسمية ابتداء، وأي رِكَّة فيه؟ بخلاف قولنا: السلام عليكم.

والحاصل: أن ما فيه بيانٌ للعقيدة، فالمناسب هناك جملةٌ إسمية لا غير، وما فيه إنشاءٌ، أمر جاز فيه أن تكونَ معدولةٌ عن الفعلية. وبعبارة أخرى: إن الجملةَ الفعلية قد يعتبرُ انسلاخُهَا عن معناها، فتفيدُ القصرَ، لأنها جملة إسمية على هذا التقدير ولا لمع فيها إلى الفعلية، كقولنا: الحمد لله، إذا قصدنا بها الخبر لأن الأصلَ فيه الإسمية، ولا لمع فيها إلى الفعلية، فتفيدُ القصر بخلاف ما إذا أردنا منها الإنشاء، فإن قيل: فحينئذٍ ينبغي أن لا يكون القصر في الحمد لله لأنه إنشاء، وجعلُهُ إخبارًا ليس من الحمد في شيء، فإنه إخبارٌ عن الحمد، والإخبارُ عنه ليس بحمد. قلت: بل الإخبار عن الحمد أيضًا نوعُ حمد وإن جعل إنشاءً فلا قصر فيه أيضًا (١).

٧ - باب مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

١٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَعَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». تحفة ١٢٣٩، ١١٥٣

أفاد بإدخال لفظة: (من) على جملة الحديث: أن المذكورَ خصلةٌ من الإيمان، والنفي على ما مر محمولٌ على تنزيلِ الناقصِ منزلةِ المعدوم، واعلم أن طريقَ الشارع طريق الوعظ. والتذكير، فيختارَ ما هو أدخل في العمل، فلو قدَّرَ الكمالَ في مثل هذه المواضع، يفوتُ غرضُهُ، ولذا لم يكن السلف يحبونَ تأويل قوله صلى الله عليه وسلّم «من ترك الصلاة فقد كفر» بالترك مستحلًا، أو أنه فعلَ فعلِ الكفر، فإنه بالتأويل يَخِفّ الأمر فيفقد العمل.

٨ - باب حُبُّ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الإِيمَانِ

١٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ


(١) قلت: وكانت تذكرتي مشكوكة من هذا المقام، وإنما قررت هذا المقام بعد التصحيح ولا أدري أكان هذا هو مراد الشيخ أم غلطت أنا؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>