للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، لَا أَكُفُّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا». أطرافه ٨٠٩، ٨١٠، ٨١٢، ٨١٥ - تحفة ٥٧٣٤

والسَّدْلُ (١) والكفُّ ممنوعان عندنا أيضًا، فالمطلوبُ هو الاعتدالُ في الصلاة. أمَّا تفسيرُ السَّدْل فراجعه من «المغرب» للطبري، فإنه لخصَّ فيه «المعجم» وذكر فيه لغات فقه الحنفية. وأمَّا لُغَاتُ فقه الشافعية، فمذكورةٌ في «التهذيب».

١٣٩ - باب التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِى السُّجُودِ

٨١٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى» يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ. أطرافه ٧٩٤، ٤٢٩٣، ٤٩٦٧، ٤٩٦٨ - تحفة ١٧٦٣٥

وجملةُ الأحاديث أن الأدعيةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ثَبَتَ في عِدَّة مواضع: بعد التحريمةِ قبل القراءةِ، وبعد القراءةِ قبل الرُّكُوعِ، وفي الرُّكُوعِ، وفي القَوْمةِ، وفي السَّجْدَةِ، وبين السجدتين، وبعد التشُّهد قبل التسليم. ولو عدَّدنا ما عند الطبراني لازداد موضعٌ آخر، وهو: «أنه قال بعد الفاتحة: آمين ثلاث مراتٍ». وفي لفظٍ: «أنه قال: آمين، ثم قال: اللهم اغفر لي». ثم إذا دَعَا


(١) قال الحافظ التُّورِبشتي في "شرح المصابيح": إني تفكَّرْتُ في معناه بعد التدبُّر لسياق لفظه، فرأيت غير ذلك المعنى -ما ذكره آخرون- أمثل من طريق المُطَابقة، وذلك لأن إرسالَ الثوب حتى يصيبَ الأرضَ منهيُّ عنه على الإطلاق، وفي الحديث خصَّ النهي بالسَّدْل في الصلاة، فلا بدَّ له من فائدة، ثم رَدَّ على مَنْ ذكر فائدته التأكيد في حقِّ المُصَلي، ثم ذكر شرحه من عند نفسه، فقال: إنما خصَّ بالمصلي، لأن العرب من عادتهم أن يَشُدُّوا الإزار على أوساطهم فوق القميص كل الشدِّ في حال المشي، فإذا انتهوا إلى مجالسهم حلُّوا العُقْدَة، وأَسْبَلُوا الإزار حتى يُصِيبَ الأرض، ثم رَبَطُوه بعضِ الربط، لأن ذلك أروحُ لهم، وأسمحُ لقيامهم وقعودهم. وكانوا يَصْنَعُون وذلك في الصلاة، فَنَهُوا عنه، لأن المُصَلِّي لم يكن لِيَأمَنَ أن تَنْحَلَّ العقدَةُ، أو تَتَشَبَّثَ فيه عند النهوض رِجْله، فَيَنْفَصِلُ عنه، فيكون مصليًا في ثوبٍ واحدٍ، وهو منهيٌّ عنه، أو يتشاغل بإمساكه عن نفسه، فيجدُ الشيطان به سبيلًا إلى تخبُّطه في الصلاة. وربما يَضُمُّ إليه جوانب ثوبه، فَتَصْدُرُ عنه الحركات المتداركة، فلهذه المعاني نهى عنه.
ولم أُقْدِم على استنباط معنى هذا الحديث إلَّا بعد أن كنت شاهدت تلك الهيئة من أُناسِ أهل مكة يعتادونها، ويأتون بها في مجالسهم -والله تعالى أعلم. انتهى ملخَّصًا-.
ويقول العبدُ الضعيف: لا شكَّ في متانة كلامه، غير أنه يُبْنَى على أن معنى السَّدْل: إرسال الثوب حتى يُصِيب الأرضَ، كما صرَّح هو به. وهذا تفسيرُ الإسبال عند فقهائنا، أمَّا تفسيرُ السَّدْل عندهم فهو: أن يجعلَ الثوبَ على رأسه وكتفيه، ويُرْسِلَ أطرافَه من جوانبه. وفي "المستخلص": أن جعل القَبَاء على الكتف، ولم يُدْخِل يديه في الكُمَّينِ، فهو مكروهٌ أيضًا، سواء كان تحته قميص أو لا - وفسَّره الترمذيُّ باشتمال الصماء عند اليهود.
ثم السَّدْلُ بهذا التفسير يُكرَهُ في الصلاة دون الخارج، بخلاف الإسبال، فإنه ممنوعٌ مطلقًا. ولعله حمل السَّدْلَ على اللغة دون ما هو مصطلح الفقهاء. ولا ريب أن حمل الأحاديث على المعاني اللُّغوية، أَوْلَى من حملها على المعاني الفقهية، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>