للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». تحفة ١٢٥٦٩ - ٤/ ٢

[٥ - باب]

٨٨٢ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا هُوَ إِلَاّ سَمِعْتُ النِّدَاءَ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ». طرفه ٨٧٨ - تحفة ١٠٦٦٧

٨٨١ - قوله: (غُسْلَ الجنابة) مفعول مطلق للتشبيه.

قوله: (ثُمَّ راح فكأنّما قرَّب بَدَنَةً) الخ. وفيه مراتب الفضل في حضور الجماعة. وتلك الساعاتُ تبتدِىء من الصّبح عند الجمهور. ومن الزَّوال عند المالكية. فتكون تلك لحظاتٍ خفيفة تمسكًا باللفظ (١). فإِنه في اللّغة يُستعمَل فيما بعد الزَّوال. وتمسّك الجمهور بتعامل السّلف وكانوا يروحون من غداة الجمعة ثم يَرجِعون إلى بيوتهم بعد قضائها ويَتغذّون ويَقيلون. والمسائل لا تُبنَى على اللّفظ الواحد بل لا بد من النّظر إلى التعامل كما مر منا التنبيه عليه. ثم عند النّسائِّيّ مرتبةٌ سادسةٌ أيضًا: وهي مرتبة البَطّ والعصفور. والبَدَنة عندنا تطلق على البعير والبقر. وعندهم على الأوّل فقط. ووافقهم على كلِّ ذلك اللغويون كلُّهم.

قوله: (شاة) والتاء في الحيوانات تكون للوِحْدة دون التأنيث، وهي تَعمُّ المَعِزَ والضّأن.

قوله: (قرَّب دجاجةً) واعلم أنه لم يُرِد بهذا السياق تعليم مسألة الأضحية، بل أراد التنبيه على مراتب الحاضرين في الجمعة الأول فالأول، وذِكْرُ هذه الحيوانات على نحو التشبيه وتَنزيلُه مَنزلة الأضحية لا يُؤخَذُ عنه جوازُ أضحيةِ الدّجاجة كما قاله بعضُ الجاهلين، ولذا لم


(١) قال الخطابي في "معالم السنن" ص (١٠٩): راح إلى الجمعة معناه: قصدها وتوجه إليها مبكرًا قبل الزوال، وإنما تأولناه على هذا المعنى لأنه لا يجوز أن يبقى عليه بعد الزوال من وقت الجمعة خمس ساعات، وهذا جائز في الكلام أن يقال، راح لكذا ولأن يفعل كذا بمعنى أنه قصد إيقاع فعله وقت الرَّواح، كما يقال للقاصدين إلى الحج حُجاج ولَمَا يحجوا بعد، وللخارجين إلى الغزو غُزاة، ونحو ذلك من الكلام. فأما حقيقة الرواح، فإنما هي بعد الزوال، يقال: غدا الرجل في حاجته إذا خرج فيها صدر النهار، وراح لها إذا كان ذلك في عجز النهار أو في الشطر الآخر منه. وأخبرني الحسن بن يحيى عن أبي بكر بن المنذر، قال: كان مالك بن أنس يقول: لا يكون الرواح إلا بعد الزوال وهذه الأوقات كلها في ساعة واحدة، قلت: كأنه قسَّم الساعة التي يحين فيها الرَّواح للجمعة أقسامًا خمسة فسماها ساعات على معنى التشبيه والتقريب، كما يقول القائل: قعدت ساعة وتحدثت ساعة ونحوه يريد جزءًا من الزمان غير معلوم وهذا على سعة مجاز الكلام وعادة الناس في الاستعمال اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>