للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن بَعْض السَّلف رَحِمهم الله تعالى أنهم حملوا قوله تعالى: {وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٨٥] على تلك التكبيرات الفاضلة في الخارج أيضًا.

قوله: ({أَيَّامٍ مَّعْلُومَتٍ}) أيَّام العَشْر، والأَيَامُ المعدوداتُ أيامُ التشريق. إنما فَسَّر ابنُ عباس رضي الله تعالى عنه المعدودات بِأَيَّامِ التشريق لكونِ لَفْظِ المعدوداتِ مُشْعِرًا بالقلة، أيَّامِ التشريق ثلاثة، فَفَسَّرها بها.

قوله: (وكان ابنُ عمرَ رضي الله تعالى عنه وأبو هريرةَ يَخْرُجَانِ إلى السُّوْقِ في الأيامِ العَشْر يكبران) وقد مر معنا أن التكبير من وظائف هذه الأيام. وهو مَحْمَلُ تكبير محمد بن علي الباقر بعد النافلة. وأما ما في الفِقْه من إتيانِهِ دُبُرَ الصلواتِ المكتوبات فقط، فهو بيانٌ للواجب. فعند الإمام رحمه الله تعالى من صبيحة عرفةَ إلى عَصْر يوم النَّحْر، وعند صاحبيه إلى عَصْر اليوم الرابع.

قوله: (ويكبر الناس بتكبيرهما) ويُستفاد منه ومما أخرجه البخاريُّ من الآثار في الترجمة التالية: أنَّ المطلوبَ في التكبير الموافقةُ فيه مِمَّن في حواليه (١). وعليه ما عند الترمذي: «أن الله أكبر يملأ الميزان» ولم يَحْكُمْ عليه الترمذي. وعند مسلم: «أن سبحانَ الله نِصْفُ المِيْزان»، وكذلك «الحمد لله». فلو صَحَّ ما عند الترمذي فَوَجْه الفَرْق بين كون «الله أكبر» الميزانَ كلَّه وسائر الأذكارُ «نِصْفُ الميزان»: أن التكبير يطلب الموافقة وذلك بالجَهْر، وعند ذلك يملأُ الجوَّ بما فيه فيكون الميزان كله. لأن كِفَّةَ ميزانِ الآخرة كما بين السماءِ والأرض كما يُسْتفاد من الأحاديث وسنقرِّرُه. وليست هذه الخصوصيةُ في الأذكار غيرَه.

ثم اعلم أنهم يُطْلِقون الأيَامَ العَشْر - والعاشر منها يومُ النَّحْر والصومُ فيه حَرامٌ - فيذكرون العَشْر ويريدون به التِّسْع. وقد يَخْطُر بالبال أنَّ الإمساك في نصف يوم النحر كأنه نِصْفُ صَوْمٍ في نَظر الشارع، فإنَّ المستحبَّ في هذا اليوم الأكلُ من أُضحيته، ولا تكون إلا بعد الصلاةِ فلزِم الإِمساكُ، وعليه ما في «المُسْتَطْرَف» من حكاية العجوز.

٩٦٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «مَا الْعَمَلُ فِى أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِى هَذِهِ». قَالُوا وَلَا الْجِهَادُ قَالَ «وَلَا الْجِهَادُ، إِلَاّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَىْءٍ». تحفة ٥٦١٤ - ٢٥/ ٢

٩٦٩ - قوله: (ما الْعَمَلَ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا في هذه) وفي نسخة: «ما العَمَلُ فِي أَيَّامِ العَشْرِ أَفْضَلَ من العملِ في هذه». وهذا يقتضي نَفْيَ أَفضليةِ العمل في أيامِ العَشْر على العمل في هذه الأيام. قلتُ: وهو تَصْحِيْفٌ عِنْدي. والصواب كما في الصُّلب، لأن هذا الحديث كثيرُ


(١) يقول العبد الضعيف: وهذا كالتلبية "إذا لَبَّى أَحَدٌ يوافِقُه مَنْ عن يمينه وعن شمالِه حتى تنقطع الأرضُ من ههنا، وههنا" -بالمعنى- أخرجه الترمذي ونحوه ما في القرآن {يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} [الأنبياء: ٧٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>