للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فصل في حال أبي عبد الله أيام المتوكل]

قال حنبل: ولي جعفر المتوكل، فأظهر الله السنة، وفرّج عن الناس، وكان أبو عبد الله يحدثنا ويحدث أصحابه في أيام المتوكل، وسمعته يقول: ما كان الناس إلى الحديث والعلم أحوج منهم في زماننا.

ثم إن المتوكل ذكره وكتب إلى إسحق بن إبراهيم في إخراجه إليه، فجاء رسول إسحق إلى أبا عبد الله يأمره بالحضور، فمضى أبو عبد الله ثم رجع، فسأله أبي عما دعي له؟ فقال: قرأ عليّ كتاب جعفر يأمرني بالخروج إلى العسكر، قال: وقال لي إسحق بن إبراهيم: ما تقول في القرآن؟ فقلت: إن أمير المؤمنين قد نهى عن هذا! فقال: لا تعلم أحدًا أني سألتك! فقلت له: مسألة مسترشد أو مسألة متعنَّتٍ؟ قال: بل مسألة مسترشد، فقلت له: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وقد نهى أمير المؤمنين عن هذا.

وخرج إسحق إلى العسكر، وقدم ابنه محمد خليفةً له ببغداد، ولم يكن عند أبي عبد الله ما يتجمّل به وينفقه، وكانت عندي مائة درهم. فأتيت بها إلى أبي فذهب بها إليه، فأخذها وأصلح بها ما احتاج إليه واكترى منها، وخرج، ولم يلق محمد بن إسحق بن إبراهيم ولا سلم عليه، فكتب بذلك محمد إلى أبيه، فحقدها إسحق عليه، فقال للمتوكل: يا أمير المؤمنين، إن أحمد بن حنبل خرج من بغداد ولم يأت محمدًا مولاك، فقال المتوكل: يردّ ولو وطيء بساطي، وكان أبو عبد الله قد بلغ بصرى (١)، فوجه إليه رسولا يأمره بالرجوع، فرجع وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا، وربما قرأ علينا في منزلنا.


(١) بصرى المشهورة: بالشأم، وهذه بصرى أخرى، من قرى بغدادقرب عكبراء. انظر معجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>