للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَحْمَدَ: رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ سُنَّةٌ، وَالْوُقُوفُ عَلَى الْأَقْدَامِ رُخْصَةٌ، فَكَيْفَ تَقُولُ فِي هَذَا؟ قَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَقَفَ وَهُوَ رَاكِبٌ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ وَافَقَ مَالِكًا، وَاحْتَجَّ لَهُ ; لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ رَاكِبًا، وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا الْأَفْضَلَ، وَقَدْ قَالَ: " خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَكَذَلِكَ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّاجِلُ أَفْضَلُ، قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ مَاشِيًا أَفْضَلُ، كَذَلِكَ يَجِيءُ عَنْهُ فِي الْوُقُوفِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ رَاكِبًا فَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ، قَالَ: لِأَنَّ جَمِيعَ الْعِبَادَاتِ وَالْمَنَاسِكِ عَلَى ذَلِكَ ; يَعْنِي مِنَ الطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ، وَالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَبِمِنًى، وَإِنَّمَا وَقَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبًا لِيَرَى النَّاسَ وَيَرَوْهُ.

فَعَلَى هَذَا يَقِفُ الْإِمَامُ رَاكِبًا، وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: وُقُوفُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ لِيَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>