للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه على طعام له في ذمة رجل، فإن ابن القاسم يمنع من هذا، كما حكيناه عنه، ويجوّز أن يدفع من عليه السلم لمن أسلم إليه مثل رأس المال يشتري به طعامًا، فيقبضه مما عليه، لما كانا قادرين على أن يجعلا هذا الدفع لرأس المال إقالة من الطعام، ولا يمنعان من ذلك. وهذا كالموافقة لأشهب في ذهابه إلى جواز المقاصة التي ذكرناها لما كانا قادرين على أن يجعلاه إقالة، إذا تساوت رؤوس الأموال بصرفها عما ظاهره بيع الطعام قبل قبضه، لما تقاصّا فيه، إلى الإباحة لما كانا قادرين (على أن يعتبرا عن ما فعلاه) (١) بلفظ يفيد معناه ما هو مباح لهما، وهو الإقالة. لكنه عورض ابن القاسم في هذا بأنه ينبغي أن يجيز الحوالة بطعام السلم على طعام المحيل في ذمة آخر، على حسب ما ذكرناه، لأنه إذا أجاز أن يشتري برأس المال طعامًا يكون وكيلًا على شرائه لمن عليه السلم لم يقبضه نيابة عنه، فيكون قضاء مما له عليه، فذلك ينبغي أن يجيز الحوالة بماله من طعام على طعام في ذمة آخر، على حسب ما ذكرناه عن أشهب.

وهذا الإلزام مما ينظر فيه، كما نبهنا عليه من كونهما قادرين على أن يجعلا هذا المدفوع من رأس المال إقالة، فلا يتهمان على القصد إلى محرم، وهو بيع الطعام قبل قبضه. ومن أُحيل بطعام له في ذمة على طعام في ذمة آخر غير قادر على تحصيل هذا الفعل من طريق أخرى مباحة على حسب ما قدمناه.

فلو كانت هذه الوكالة على شراء بأكثر من رأس المال لمنِعت، لأنهما غير قادرين على الإقالة بأكثر من رأس المال.

فلما لم يكن لهما في هذا الوجه مصرف إلى المباح اتُّهِما على قصد الحرام.

لكنه لو ثبت أن الوكيل ها هنا اشترى الطعام بأكثر من رأس المال الذي دُفع إليه بحق وكالته عليه، وقبضه بعد أن اكتاله نيابة عمن له عليه السلم، لنفذ ذلك، ولم يردّ.

ولو دفع إليه أقل من رأس المال فإن ابن القاسم لمنع من هذا، كما يمنع أكثر من دفْع رأس المال، لكن لكون الإقالة أقل من رأس المال لا تجوز في الطعام. وأشهب يمضي ذلك ولا يفسخه، لأن التهمة تتضح إذا دفع إليه أكثر من


(١) هكذا في جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>