للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه المذاهب التي ذكرناها في حيوان يجوز أكل لحمه، فأمّا ما لا يجوز أكل لحمه، كالحمير والخيل والبغال، فإن مالكًا لم يمنع بيعه باللحم إذا كان من جنسها كالخيل والبغال والحمير. وذكر (١) أكل لحمه كالهر والثعلب والضبع فإن مالكًا كره بيعها باللحم إذا كان من جنسها. فبعض المتأخرين يرى أن نفي التحريم في هذه القوة (٢) الاختلاف فيها، ولكنه قدح في هذا التعليل بأن مالكًا أجاز بيع الفرس بلحم من جنسها، مع ما في الفرس من الاختلاف.

وبعضهم يرى أن الهر والثعلب والضبع مما تأكله الأعراب، فصارت مما تراد للأكل فمنع بيع الحي منه باللحم من جنسه مع كونه (٣) منفعة فيه، والخيل والبغال والحمير لم تجر العادة بأكلها مع أبي فيها منافع، وهي المقصودة منها كالحمل عليها وغير ذلك من ضروب الانتفاع بها. وقد ذكرنا مذهب أبي حنيفة.

وذكر بعض المتأخرين عن أشهب أنه مال إلى مذهب أبي حنيفة، قال: وأحسب أن هذا المذهب رواه عنه البرقي، والمعروف عنه خلافه.

وأشار بعض الأشياخ إلى تخريج مذهب أبي حنيفة من بعض الروايات عندنا، وذلك أن ابن المواز ذكر عن مالك أنه كره بيع الشاة الشارف والكسير باللحم، ثم أجازه بعد ذلك. وقال ابن المواز: بل لا خير فيه، وبيعها باللحم أحرم من بيعها بالحية، وكل لا خير فيه.

وقد علم أن بيع اللحم باللحم لا يجوز إلا متماثلًا. وقد اختلف قوله في هذه الشاة الموصوفة وما ذاك إلا لكونه رآها كالصحيحة، ولو رآها كاللحم لم يختلف قوله في المنع منها، ولكنه تردد في هذا الترجيح، وقال: يمكن أن


(١) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: وما كُرِهَ.
(٢) في (و): لقلة.
(٣) فراغ في (و) بمقدار كلمة، ولعلها: (لا).

<<  <  ج: ص:  >  >>