للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه. لكن لا يخلو أن تكون الدنانير المنقودة أكثر من قيمة الدراهم المؤجلة بأمر بيّن للتفاوت، مثل أن يشتري الثوب بمائة دينار وقد باعه بمائة درهم، فإن هذا يتضح فيه ضعف التهمة؛ لأن دافع الدنانير يخسر خسارة بينة، وينضاف إلى ذلك التأجيل فيما يخسر فيه خسارة بينة بمثل هذا، غير أن ابن القاسم [أجاز] (١)، إذا علم من ناحية القيمة التي تصورناها أو ما في معناها مما هو دونها مما يرفع التهمة: أن دافع الدنانير لا يمكن أن يكون قصد المتاجرة في الصرف المستأخر.

ومنع ذلك أشهب مبالغة في الاحتياط، ولأنه قد يكون لدافع الدنانير في هذا أغراض خفية قصد بها المتاجرة والمكايسة في الصرف المستأخر، كحماية الحماية. وكما تجعل للحرام حماية يحيى بها جانبه فيجب أن يبالغ في هذه الحماية وتحمى أيضًا حتى لا يسري الأمر إلى هتك حرمة الحرام، فيقول قائل: هذا لا تهمة فيه، ويقول آخر: هذا فيه التهمة. ويتخرج على قول آخر ستراه في السؤال الذي هو جواز هذا وإن (٢) كانت الدنانير مثل قيمة الدراهم وتحققنا أن الدافع الدنانيرَ لم يربح بل خسر الصبر والتأجيل.

والجواب عن السؤال الرابع أن يقال: قد علم أن المبادلة سكة بسكة منها ما يجوز ومنها ما يمنع، على ما تقدم بيان ذلك في كتاب الصرف لما تكلمنا على أحكام أخذ السكك بعضها عن بعض وأحكام المراطلة، فإذا باع منه ثوبًا بمائة دينار إلى أجل، وكانت الدنانير بسكة، ثم أراد أن يشتري هذا الثوب ممن باعه منه بدنانير هي مثل مقدار الدنانير الأولى لكنها من سكة أخرى، فإنه قد اختلف في هذا عندنا: فقال في المدونة، فيمن باع ثوبًا بمائة درهم محمدية إلى أجل ثم اشتراه بمائة درهم يزيدية إلى الأجل بعينه: إن ذلك لا يجوز. واختلفت طريقة الأشياخ في علة المنع، هل هي كون الذمتين مشغولتين بسكتين مختلفتين فيمنع ذلك؛ لأنه باع ذهبًا نسيئة بذهب مخالف له نسيئة، والتبايع بذهبين مختلفين نسيئة لا يحل. فعلى طريقة هؤلاء يمنع ذلك ولو كانت السكة التي


(١) لفظة يقتضيها النص، ساقطة من النسختين.
(٢) هكذا في النسختين ولعل الصواب، إن كانت.

<<  <  ج: ص:  >  >>